معرفة اسم الله المؤمن

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الجمعة، 18 يوليو 2014 0 التعليقات


قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ..."23"}[سورة الحشر].                                                             
(آمن به) أي وثق به وصدقه، والمضارع يؤمن، والمصدر إيمان.. وآمن بشيء أي اعتقده حقيقة.. والإيمان التصديق.. وأمن بكسر الميم أي اطمأن ولم يخف.. والإيمان وصف يوصف به الإنسان.. يقال آمن فلان أو فلان مؤمن.. والإيمان بمعناه الشرعي يعني أن يؤمن الإنسان بكل ما دعانا الله عزّ وجلّ للإيمان به.. وآمن بالله أي اعتقده حقيقة.. فآمن بوجوده وبصفاته التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.. وقد دعانا الله إلى الإيمان بملائكته... أي بوجودهم وبصفاتهم التي بيَّنها لنا... ودعانا إلى الإيمان بالكتب السماوية التي أنزلها.. والإيمان بالرسل الذين أرسلهم بكتبه عزّ وجلّ.. والإيمان في اللغة هو التصديق، ويقال آمنه من الأمان ضد الخوف، والله يعطي الأمان لمن استجار به واستعان.. وفي ذلك يقول جلّ وعلا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"285"}[سورة البقرة]. 
إنَّ الآية السابقة أوضحت أن حصر ما ينبغي أن يؤمن به الإنسان ليس بالأمر اليسير... ذلك لأنَّ الإنسان مكلف أن يؤمن بكل ما أنزله الله عزّ وجلّ على رسوله محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.. أي مطالب أن يؤمن بالقرآن الكريم ُكلاً وتفصيلاً.. فيؤمن بأنه كتاب من عند الله عزّ وجلّ ويؤمن بصحة ما جاء فيه.. وأن يؤمن بما جاء في السنة النبوية الشريفة هذا عن معنى الإيمان حين يتعلق بالإنسان.
فما المقصود (بالمؤمن) حين يكون اسماً ووصفاً للحقّ تبارك وتعالى؟ 
المؤمن كوصف من أوصاف الله عزّ وجلّ له معان متعددة.. منها أنه تبارك وتعالى مؤمن بكل ما دعانا إلى الإيمان به.. فهو مؤمن أنه موجود.. ومؤمن بأنه موصوف بصفات الكمال المطلق، ومؤمن بأنه واحدٌ أحدٌ، ومؤمن أنه لا إله سواه، حيث قال جلّ وعلا: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"18"}[سورة  آل عمران].  
وُسمي أيضاً بهذا الاسم لأنه يُؤمن عباده من كل خوف.. كما قال سبحانه: {لِإيلافِ قُرَيْشٍ "1" إِلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ "2" فَليَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ"3" الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَأَمَنَهُم مِّنْ خَوْفِ"4"}[سورة قريش].     
وقال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"55"}[سورة النور].                                                       
وقال عزّ وجلّ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ"35"}[سورة إبراهيم].                                                
فاستجاب الله عزّ وجلّ لدعوة أبي الأنبياء كما أخبرنا في كتابه العزيز فقال: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكَاً وَهُدىً لِلعَالَمِينَ"96" فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ "97"}[سورة آل عمران].   
وهو لا يُؤمن عباده من مخاوف الدنيا فحسب، بل يُؤمنهم من عذاب جهنم، ويبعثهم يوم القيامة من الفزع آمنين، وذلك بدعوته عزّ وجلّ لهم للإيمان به والالتزام بطاعته... ولقد كرر سبحانه الدعوة إلى الإيمان في كتابه العزيز فقال جلّ وعلا: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ"179"}[سورة آل عمران].                                                               
وقال عزّ من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً"170"}[سورة النساء].                                                 
وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"158"}[سورة الأعراف]
وإذا استجاب الإنسان لهذه الدعوة إلى الإيمان والدعوة إلى النجاة يكون جزاؤه الأمن يوم الفزع الأكبر.. كما قال عزّ وجلّ: {مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ أَمِنُونَ"89"}[سورة النمل]. 
وقال سبحانه: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"81" الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"82"}[سورة الأنعام].                                         
وينعم عليهم بنعمة الأمن الدائم في جنات الخلد.. كما قال تعالى: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ أَمِنِينَ "55" لا يَذُقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلا المَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الجَحِيمِ"56"}[سورة الدخان]. 
ويقول الإمام الغزالي: إنَّ حظ العبد من هذا الوصف أن يؤمن الخلق كلهم جانبه، بل يرجو كل خائف الاعتداد به في رفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه. 
كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : [من كان يؤمن بالله.. واليوم الآخر.. فليأمن جاره بوائقه].             
وأحق العباد باسم المؤمن من كان سبباً لأمن الناس من عذاب الله بالهداية إلى طريق الله والإرشاد إلى سبيل النجاة.. فندعوه سبحانه وتعالى أن يهبنا إيماناً صادقاً كإيمانه عزّ وجلّ بوجوده وبوحدانيته وكمال صفاته.. وندعوه أن يهبنا الأمن في الدنيا، ويبعثنا يوم القيامة من الفزع الأكبر آمنين فهو عزّ وجلّ كما وصف نفسه قائلاً: {هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهَ عَمَّا يُشْرِكُونَ"23"}[سورة الحشر].                                          
واسم الله تعالى (المؤمن) قد جاء منسوباً إلى الله تبارك وتعالى في القرآن مرة واحدة في سورة الحشر كما مرَّ سابقاً.
فسبحان الله تعالى المؤمِن.

المراجع
القرآن الكريم
رياض الصالحين
مختار الصحاح
غزيرة.. أم تقدير إلهي... للدكتور شوقي أبو خليل
من آيات الإعجاز العلمي .................للدكتور زغلول النجار
موسوعة الحديث النبوي الشريف (الصحاح والسنن والمسانيد) 
موقع طريق القرآن...  www.quranway.net
موقع روح الإسلام...  www.islamspirit.com

من كتاب أبواب المعرفة ج1 بقلم: إيمي البخاري







0 التعليقات to معرفة اسم الله المؤمن

إرسال تعليق