معرفة اسم الله المتكبر

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الثلاثاء، 22 يوليو 2014 1 التعليقات


(كبر) بفتح الكاف وكسر الباء أي أسن أو تقدم في العمر، و(كبر) بفتح الكاف وضم الباء أي عظم وتعالى... والكبر أو الكبرياء تعني العظمة أو العلو والرفعة... والمتكبر كوصف للعبد صفة ذميمة، ولكنها صفة من صفات المدح الواجبة للكمال الإلهي المطلق... فالعبد الذي يتكبر أي يتعاظم إنما يتكبر ويتعاظم على غيره من العباد، والمتكبر ما له يوم القيامة إلا جهنم. لقوله تعالى: {فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ"29"}[سورة النحل] 
فهذا تكبر بلا مقتضى وبلا سند، فالناس سواسية كأسنان المشط مهما اختلفت درجاتهم، فاختلاف الدرجات والرتب لا يُخرج أحداً عن كونه إنساناً، وكلنا في هذا الوصف سواء، وهو اختلاف لا يجعل أحدنا أعظم من أخيه، لأنه اختلاف لا فضل لنا فيه، إذ مرجعه إلى إرادة الله عزّ وجلّ وحكمته التي ذكرها في قوله تعالى:  {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"32"}[سورة الزخرف].
إنَّ الآية الكريمة صريحة في أنَّ الله عزّ وجلّ رفع بعضنا فوق بعض درجات، فلا فضل لنا إذن في ذلك، وإن قال أحد: إنما أوتيته على علم عندي أو عمل قمت به فإننا نقول له: إنَّ علمك وعملك أيضاً هبة من الله عزّ وجلّ، وقد أراد سبحانه بهذا التفاوت أن يجعل كلا منا مسخراً للآخر... ولا يظن أحد أن هذا التفاوت يتنافى مع العدل الإلهي، ومن يظن ذلك فإننا نقول له: إنك فهمت الآية فهماً خاطئاً؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يقسم عباده قسمين: قسم مُسَخَرْ، وقسم مُسَخِرْ... بل جعل كلاً منا مُسَخَر وُمَسِخر في آن واحد، فالذي يعمل في تسليك المجاري ودورات المياه مسخر للطبيب والمهندس وغيرهما، وفي نفس الوقت فإنَّ الطبيب والمهندس وغيرهما مسخرون لخدمة عامل المجاري... بل إن ما يبذله عامل المجاري في عمله وما يلاقيه من عناء لا يمثل مثقال ذرة مما عاناه الطبيب أو المهندس من الكدّ والعناء طوال سنوات الدراسة وتحصيل العلم الذي يمكنه من أداء الخدمة التي يؤديها لهذا العامل.. فالكل إذن مُسَخَر ومُسَخِر وفقاً لمعنى الآية السابق، ومن أسباب التفضيل أيضاً قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ "165"}[سورة الأنعام].                                                 
وهذه حكمة أخرى لتفاوت الدرجات ألا وهي الابتلاء، فالغني مثلاً يبتلى فيما أوتي من سعة الرزق.. هل سيخرج زكاة ماله ويؤتي الصدقات أم يكنز الأموال؟ والفقير يبتلى هل سيصبر على ضيق ذات اليد..؟ أم يعترض ويسخط.! 
وهكذا الشأن في سائر النعم والنقم!! فإذا كان التفاوت بين العباد حادثاً بإرادة الله عزّ وجلّ ولحكمته، وليس لنا فيه فضل، فإنه لا يصح أن يتصور أحدنا أنه أعظم أو أكبر من أخيه، ومن يتصور ذلك فهو متكبر، والتكبر في حقه صفة ذميمة، لأنه أراد أن يصف نفسه بما ليس لها، فمهما أوتي الإنسان من زينة الدنيا فهو إنسان وهو عبد الله عزّ وجلّ، ولن تخرجه ممتلكاته عن هذا الوصف، وقد أوضح لنا الحقّ جلّ وعلا موقفه من المستكبرين من خلقه وأوضح لنا جزاءهم يوم القيامة فقال سبحانه: {.....إِنَّ الَّذِينَ يَستَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"60"}[سورة غافر].
وقال عزّ وجل: {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "36"}[سورة الأعراف].                                                     
{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ"40"}[سورة الأعراف].                                                
وقد مدح الله عزّ وجلّ عباده الذين لا يستكبرون عن عبادته في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى:  {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ "15"}[سورة السجدة].                               
أما (المتكبر) كاسم من أسماء الله عزّ وجلّ وصفة من صفاته، فإنه من مقتضيات الكمال الإلهي المطلق، فكل من رأى العظمة والكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره حيث يرى نفسه أفضل الخلق مع أنَّ الناس في الحقوق سواء، كانت رؤيته كاذبة وباطلة، إلا لله تعالى، فالله تعالى المتكبر ذو الكبرياء... هو كمال الذات وكمال الوجود، والكبرياء والعظمة بمعنى واحد، فلا كبرياء لسواه، وهو المتفرد بالعظمة والكبرياء، المتعالي عن صفات الخلق، فهو الذي تكبر عما يوجب نقصاً أو حاجة، أو المتعالي عن صفات المخلوقات بصفاته وذاته... وهو لا يعني أنَّ الحقّ تبارك وتعالى يتكبر على عباده كما يفهم السطحيون، وإنما يعني أنه جلّ وعلا عظيم بذاته ومتعالي فوق عباده بحكم كونه الخالق الموصوف بصفات الكمال المطلق وبحكم كونهم المخلوقين من العدم والقائمين به عزّ وجلّ ولا قيام لهم بدونه. 
والحديث عن الصفات الإلهية دون فهم معناها يوقع في الخطأ الجسيم والضلال المبين... وقد سمعنا من قبل مقولة أحد المستشرقين: أنه في الوقت الذي تصف فيه عقيدتنا السمحاء الخالق بالتواضع المطلق فإنَّ الإسلام يصفه بالكبرياء المطلق، وهذا القول إن دلَّ على شيء فإنما يدل على جهله بمفهوم الصفات الإلهية في الإسلام، فمفهوم للتكبر والتواضع بالنسبة لله عزّ وجلّ كمفهومه للتواضع والتكبر بين الناس، وشتان بين هذا وذاك... 

إنَّ العلاقة بيننا وبين الله عزّ وجلّ فيما يتعلق بالتكبر والتواضع هي أنَّ الحقّ تبارك وتعالى هو (المتكبر) أي العظيم بذاته والمتعالي بذاته ونحن (المتواضعون) له، فإذا أردنا أن نتكبر على بعضنا البعض أو عليه عزّ وجلّ فقد خرجنا على مقتضى التواضع الذي هو صفة لصيقة بنا وهذا محرم شرعاً، وقد قال جلّ وعلا في الحديث القدسي: [العظمة إزاري والكبرياء ردائي.. فمن نازعني فيهما ألقيته في النار]
وجاء في حديث قدسي آخر: [العزُّ إزاري والكبرياء ردائي.. فمن نازعني فيهما عذبته]          
بينما التواضع في حقّ الله عزّ وجلّ خروج على مقتضى العظمة الذاتية والعلو الذاتي له جلّ وعلا، وهو تكلف غير جائز على الله تبارك وتعالى... وإذا قال زيد من الناس أنه يعامل الناس بتواضع فإنه في حقيقة الأمر متكبر؛ لأنه يشعر في دخيلة نفسه أنه أفضل منهم وأعظم منهم ومع ذلك فهو يعاملهم بتواضع، وإن جاز أن يوصف إنسان بأنه متواضع فإنه لا يجوز أن يوصف الله عزّ وجلّ بهذا الوصف لأنَّ التواضع في اللغة من الضعة وهي الدنو، والدنو يليق بالمخلوق ولكنه لا يليق بالخالق عزّ وجلّ المتصف بصفات الكمال المطلق.
والكبرياء الإلهي عصمة من الانقياد لأحد، إذاً كيف ينقاد الحقّ عزّ وجلّ لغيره وهو المتكبر المتعالي عن صفات الخلق ولا يعلوه متكبر.. فسبحانه المتكبر بربوبيته، المتكبر على الطغاة من خلقه الذي تذل له المخلوقات ولا يذل سبحانه لأحد، والكبر لا يليق بأحد من المخلوقين، وإنما سمة العبيد الخشوع والتذلل... وسبحان الذي جعل التواضع سمة من سمات خلقه، بينما الكبرياء صفة من صفات كماله، لصيقة بذاته، قديمة قدمه، وسبحانه الذي قال عن نفسه وقوله الحقّ: {هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهَ عَمَّا يُشْرِكُونَ"23"} [سورة الحشر].                     
كما قال سبحانه: {وَلَهُ الكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ"37"}[سورة الجاثية].  
فسبحان الله تعالى المتكبر.

المراجع
القرآن الكريم
رياض الصالحين
مختار الصحاح
غزيرة.. أم تقدير إلهي... للدكتور شوقي أبو خليل
من آيات الإعجاز العلمي .................للدكتور زغلول النجار
موسوعة الحديث النبوي الشريف (الصحاح والسنن والمسانيد) 
موقع طريق القرآن...  www.quranway.net
موقع روح الإسلام...  www.islamspirit.com

من كتاب أبواب المعرفة ج1 بقلم: إيمي البخاري







1 التعليقات to معرفة اسم الله المتكبر

  1. says:

    Anonymous تحياتي للجميع، يقولون أن الحياة مليئة بالخداع. لا يمكن مقارنة أي عذاب أو ألم بما قام به نصر يوسف. الخبرة في أيدي المحتالين، والجزء الأكثر إزعاجًا في الأمر هو أن شخصًا ما ينشر دائمًا تلقي قرض منهم، وهذا ليس سوى أكاذيب واستراتيجية لخداع وابتزاز الناس لكسب المال بصعوبة. لقد كنت ضحية عدة مرات بسبب ذلك، بعد قراءة منشور عنهم، انتهى بي الأمر إلى الوثوق بهم دون التحقق، لقد خسرت أكثر من 12500 دولار أثناء سعيي للحصول على قرض، لقد بعت سيارتي وتخلفت عن سداد فواتيرتي ولكني استمر في الوقوع ضحية كانت الحياة قطعة من القمامة مليئة بالفوضى. لقد ترك أطفالي المدرسة، وحرمني البنك الذي أتعامل معه من الائتمان لأن درجة الائتمان الخاصة بي كانت منخفضة بالفعل بعد أن تركت البنك بقلب مكسور، اقترب مني أحد الموظفين في البنك وقالوا إن هناك مؤسسة مالية تسمى مؤسسات الائتمان للقروض التي تقول نعم حتى عندما تقول البنوك والمؤسسات المالية الأخرى لا. لقد نصحتني بأن أحاول أن أكون صادقًا، فقد كنت متشككًا جدًا في مغادرة البنك دون أن أقول لها كلمة واحدة. لقد مر شهر بعد دخول ابني الأكبر إلى المستشفى وهو ينظر إلى الأعلى والأسفل، لا شيء لدفع فاتورة المستشفى، محطمًا ومرتبكًا، ثم تذكرت ما أخبرني به موظفو البنك وذهبت بسرعة إلى البنك لأتوسل إليها واستفسر عن كيفية القيام بذلك. للاتصال بمؤسسات ائتمان القروض وأعطتني التفاصيل وهي البريد الإلكتروني: (loancreditinstitutions00@yahoo.com) whatsapp/ أرسل رسالة نصية لخدمة العملاء من خلال +393512640785. بعد اتباع الإجراءات الواجبة والامتثال لسياستهم في أقل من 96 ساعة، تمت الموافقة على رصيدي وتحويله إليّ. تقدمت لاحقًا بطلب للحصول على قرض منزلي ومشروع تجاري بقيمة 350,000.00 دولارًا أمريكيًا، والذي أحصل عليه وأحصل على منزل في الغردقة، الدهار. مؤسسات الائتمان القروض هي الأفضل. خدمة عملاء واتساب: +393512114999. في الواقع يقولون نعم عندما يقول البنك الذي تتعامل معه والمؤسسات المالية الأخرى لا.

إرسال تعليق