الحية والثعبان بين الإعجاز البياني والدقة البلاغية القرآنية

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الجمعة، 22 مايو 2015 2 التعليقات



في اللغة العربية
هناك فرق بين كلمتي ( الحية ) و( الثعبان) 
فالحية تطلق على الصغير، بينما يطلق الثعبان على الكبير المخيف.

دقة القرآن في استخدام حتى الكلمة
دلالة استخدام لفظ حية، ثعبان، جانّ في وصف عصا موسى في آيات القرآن الكريم، ففي قصة موسى وصف القرآن الكريم عصى موسى بثلاثة أوصاف وكل وصف جاء مناسباً لسياق السورة الذي ورد فيها. وهذه الأوصاف هي:

= حيّة: كما في قوله تعالى: فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20- طه) 
المعنى اللغوي للفظ حيّة: هي مؤنّث حيّ وجمعها حيّات وحيوات. واستعملها القرآن الكريم في السور التي فيها سياق خطاب تكليف لموسى، للدلالة على أن عصا موسى الجماد التي ليس بها حياة انقلبت حية فيها حياة، وهذه معجزة لا يقدر عليها إلا الله لأن الحياة لا تكون إلا بأمره وقدرته. 
وهذه هي المعجزة التي ستقابل بها موسى سحرة فرعون الذين اشتهروا بالسحر في زمانهم لكن سحرهم هو مجرد تخييل وإيهام للناس أن الحبال التي يلقونها تتحرك وكأنها حيات تسعى؛ أما عصا موسى عليه السلام فقد انقلبت حيّة حقيقية تدب فيها الحياة وتسعى بحركة سريعة تلقف حبال السحرة وعصيّهم.

= جانّ: كما في قوله تعالى: وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10- النمل) 
وقوله تعالى: وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31- القصص)
المعنى اللغوي للفظ جانّ: حيّة صغيرة خفيفة في سرعة حركتها.
واستعملها القرآن الكريم في سياق الحديث عن التجربة العملية لموسى  على معجزته حتى يتدرب عليها ولا يخاف، فجاء وصفها بأنها جانّ أي حيّة صغيرة خفيفة سريعة في حركتها حتى لا يخاف موسى، ولهذا جاء بعدها في الآيتين الطلب من موسى ألا يخاف، ولو أن الله تعالى في هذه التجربة العملية ذكر لفظ ثعبان أو أفعى أو غيرها لخاف موسى بطبيعته البشرية أن يلتقطها ولكن وصفها على أنها جانّ وصغيرة لعله يتشجع فيلتقطها.

= ثعبان: كما في قوله تعالى: فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ( 107- الأعراف) 
قال تعالى: فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (32- الشعراء)
المعنى اللغوي للفظة ثُعْبَانٌ: جمع: ثَعَابِينُ، (حيوان) يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى وهو حَيَوانٌ مِنَ الزَّوَاحِفِ مِنْ فَصِيلَةِ الثُّعْبَانِيَّاتِ مُمْتَّدُ الجِسْمِ أمْلَسُ، كما َيُطْلَقُ علَى الحَيَّةِ العَظِيمَةِ الضَّخْمَةِ.
واستعمل القرآن الكريم لفظ ثعبان في سياق المواجهة مع فرعون وقومه لإخافتهم وبثّ الرعب في قلوبهم وإظهار عظمة المعجزة فالعصا لم تنقلب مجرد حية صغيرة أو جانّ وإنما ثعبان ضخم طويل ولذلك ألقي السحرة ساجدين بعدما رأوا هذه المعجزة العظيمة أنها حقيقة وليست خيالاً ووهماً كما يزعمون هم بسحرهم.

= الأفعى:
نلاحظ أنها لم ترد في القرآن الكريم أبداً ولم يستخدمها في قصة موسى،  وذلك لأن معناها لا يتناسب مع سياق الآيات في القصة، ولأن معنى الأفعى في اللغة هي الملتفّة، وهذا ليس وصفاً ملائماً لعصا موسى ولا يفيد هذا المعنى في إثبات معجزته، ومن معاني الأفعى الحيّة الخبيثة السامّة، وهذه الوصف لا يتناسب مع إثبات المعجزة أيضاً ولا مع خطاب التكليف لموسى.

الحكمة البيانية في اختيار اللفظ
في سياق قصة سيدنا موسى عليه السلام في ذكر لفظ الحيّة والثعبان قد يظن بعض القراء أن المعنى واحد، وأن هذا الأمر قد يكون من باب التنويع وشد انتباه القارئ للقرآن فقط، ولكن لا يوجد كلمة في القرآن ليس لها حكمة بل حكمة بيانية رائعة تثبت أن كل كلمة في القرآن إنما تأتي في الموضع المناسب، ولا يمكن أبداً إبدالها بكلمة أخرى، وهذا من الإعجاز البياني في القرآن الكريم.
ولكي نوضح الحكمة من تعدد الكلمات عندما نبحث عن قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون لنجد أنها تكررت في مناسبات كثيرة، ولكن العصا ذُكرت في ثلاث مراحل من هذه القصة:

1- عندما كان موسى سائراً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها فناداه الله أن يلقي عصاه.

2- عندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه.

3- عندما اجتمع السَّحَرة وألقوا حبالهم وعصيّهم وسحروا أعين الناس، فألقى موسى عصاه.

هذه هي المواطن الثلاثة حيث يلقي فيها موسى العصا في قصته مع فرعون، ولكن كيف تناول البيان الإلهي هذه القصة؟ وكيف عبّر عنها؟ وهل هنالك أي تناقض أو اختلاف أو عشوائية في استخدام الكلمات القرآنية؟

الموقف الأول
في الموقف الأول نجد عودة سيدنا موسى إلى مصر بعد أن خرج منها، وفي طريق العودة ليلاً أبصر ناراً فأراد أن يقترب منها ليستأنس فناداه الله تعالى، وأمره أن يلقي عصاه، فإذا هي تتحول إلى حيّة حقيقية تهتز وتتحرك وتسعى، فخاف منها، فأمره الله ألا يخاف وأن هذه المعجزة هي وسيلة لإثبات صدق رسالته أمام فرعون.
ولو بحثنا عن الآيات التي تحدثت عن هذا الموقف، نجد العديد من الآيات وفي آية واحدة منها ذكرت الحيّة، يقول تعالى: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى *قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى [طه- 17-21].

الموقف الثاني
أما الموقف فيتمثل بقدوم موسى عليه السلام إلى فرعون ومحاولة إقناعه بوجود الله تعالى، وعندما طلب فرعون الدليل المادي على صدق موسى، ألقى عصاه فإذا بها تتحول إلى ثعبان مبين، ولو بحثنا عن الآيات التي تناولت هذا الموقف نجد عدة آيات، ولكن الثعبان ذُكر مرتين فقط في قوله تعالى:
1- (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ* قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ) [الأعراف- 104-109].

2- (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ* قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ* قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ) [الشعراء- 23-34].

الموقف الثالث
بعدما جمع فرعون السحرة وألقوا الحبال والعصيّ وسحروا أعين الناس وخُيّل للناس ولموسى أن هذه الحبال تتحرك وتهتز وتسعى، ألقى موسى عصاه فابتلعت كل الحبال والعصي، وعندها أيقن السحرة أن ما جاء به موسى حق وليس بسحر، فسجدوا لله أمام هذه المعجزة.
وقد تحدث القرآن عن هذا الموقف في العديد من سوره، ولكننا لا نجد أي حديث في هذا الموقف عن ثعبان أو حية، بل إننا نجد قول الحق تبارك وتعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الأعراف- 117].

التحليل البياني للمواقف الثلاثة
لو تأملنا جيداً المواقف الثلاثة نجد أن الموقف الأول عندما أمر الله موسى أن يلقي عصاه وهو في الوادي المقدس، تحولت العصا إلى (حيَّة) صغيرة، وهذا مناسب لسيدنا موسى لأن المطلوب أن يرى معجزة، وليس المطلوب أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية.

أما في الموقف الثاني أمام فرعون فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق موسى عليه السلام، ولذلك فقد تحولت العصا إلى ثعبان، والثعبان في اللغة هو الحية الكبيرة، وهكذا نجد أن الآيات التي ذُكرت فيها كلمة (ثعبان) تختص بهذا الموقف أمام فرعون.

ولكن في الموقف الثالث أمام السّحَرَة نجد أن القرآن لا يتحدث أبداً عن عملية تحول العصا إلى ثعبان أو حية، بل نجد أن العصا تبتلع ما يأفكون، فلماذا؟

إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى، كما قال تعالى: فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) [طه- 66]. 
وهنا ليس المطلوب أن يخاف الناس بالثعبان، وليس المطلوب أن تتحول العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا وتلتهم جميع الحبال والعصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة والناس بأن حبالهم تمثل السحر والباطل، وعصا موسى تمثل الحق والصدق، ولذلك يقول تعالى: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ. [الأعراف- 115-122].

إحصائيات قرآنية
إن كلمة (حيَّة) لم تُذكر في القرآن إلا مرة واحدة عندما أمر الله موسى أن يلقي العصا وهو في الوادي المقدس، فتحولت إلى حية تسعى، وجاءت هذه الكلمة مناسبة للموقف. 
أما كلمة (ثعبان) فقد تكررت في القرآن كله مرتين فقط، وفي كلتا المرتين كان الحديث عندما ألقى موسى عصاه أمام فرعون، وكانت هذه الكلمة هي المناسبة في هذا الموقف لأن الثعبان أكبر من الحية وأكثر إخافة لفرعون.
ونستطيع أن نستنتج أن الله تعالى دقيق جداً في كلماته وأن الكلمة القرآنية تأتي في مكانها المناسب، ولا يمكن إبدال كلمة مكان أخرى لأن ذلك سيخل بالجانب البلاغي والبياني للقرآن الكريم الذي قال الله عنه: لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. [فصلت- 42].


لبس الذهب للرجال وقاية أم لحكمة تعبدية

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الخميس، 30 أبريل 2015 3 التعليقات



قال البخاري : حدثنا أبو الوليد : حدثنا شعبة، عن الأشعث، قال : سمعت معاوية بن سويد ابن مقرن ، عن البراء رضي الله عنه قال : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع : 
أمرنا بإتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصرة المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس. 
ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق.
وكلما سألني أحد عن حكمة تحريم الذهب أفتي وأقول إن الحكمة هنا تعبدية بمعنى أنه حرام لأن الله حرمه وعلينا الامتثال.


وقد كتب محمود عبد الله نجا تحت عنوان: هجرة الذهب) أو (الحكمة من تحريم الذهب على الرجال) وغيرها من العناوين الكثيرة, حيث انتشر هذا الإعجاز المزعوم على أغلب مواقع ومنتديات شبكة الإنترنت بشكل يفوق الوصف, مُدعياً الآتي (كلما سألني أحد عن حكمة تحريم الذهب أفتي وأقول: إن الحكمة هنا تعبدية بمعنى أنه حرام لأن الله حرمه وعلينا الامتثال. وقد سمعت كلاماً من سنتين عن أضرار الذهب ولم أكن قرأته أما الأسبوع الماضي كنت أتصفح موقع طبي وعنوانه (gold particle migration), وقد ذكر أن كل المصابين بمرض الزهايمر عندهم نسبة عالية منه وهو ما يعرف بهجرة الذهب. قلت الحمد لله الذي حرم علينا لبس الذهب. وهجرة الذهب معروفة بالنسبة للفيزيائيين. حيث أن الذهب إذا لامس معدن آخر تتسلل أو تهاجر قليل من الذرات منه إلى العنصر الملامس له وطبعا هذا يحدث خلال فترة كبيرة . ولم يعرف أن ذرات الذهب تتسلل من خلال جلد الإنسان إلى الدم إلا حديثا. نرجع للموقع الذي أعلن أن 13 دراسة قامت في هذا الموضوع وأن أعلنوا عن تطوير تحليل للبول يتعرف على نسبة (7c gold) فيه وبالتالي على وجود المرض أو عدمه. يجدر هنا الإشارة إلى أن النساء لا تعاني من هذا الموضوع لأن أي ذرات مضرة تخرج من جسم المرأة كل شهر. و يبدو أن ما سبق لم يكن كافي للإقناع فبدأ آخرون في تكبير حجم الفبركة فزاد أحدهم أنه بحث علي موقع طبي فوجد الآتي (ثم وجدت موقع طبي آخر (http://www.lef.org/whatshot/2000_06.html), يعرض نتائج تجربة أجراها وأن نسبة ال (7C gold) عند الأشخاص الأصحاء صفر بالمائة, و زعم أنه يمكن أن تجد عدة نتائج أخري عن طريق البحث في  google تحت عنوان "Health" "Migration" , وإليكم نص التجربة التي يزعم هذا المدلس أنها دليل علي زعمه:
(Urine test developed for Alzheimer's marker: Alzheimer's disease effects an estimated twenty million people worldwide. As reported in our What's Hot section for June 22, confirmation of an Alzheimer's disease diagnosis has had to wait until autopsy when the brain can be examined. Even postmortem diagnosis has been shown to be only 82 to 92% reliable. The journal Neurology recently reported a study which confirmed the elevation of a protein, AD7C-neuronal thread protein (NTP), in the cerebrospinal fluid of Alzheimer's disease patients, which was positively associated with the severity of symptoms. Thirteen other studies have ********ed the significance of this protein in the disease. Based on the observation that Alzheimer's patients who have high levels of the protein have increased gold particle migration, Nymox Corporation has developed a urine test which will soon be available, that measures gold migration when the patient's urine is treated with a gold-containing compound.)

الرد العلمي على هذا الإعجاز المزعوم
لا جدال في أن الذهب حرام علي ذكور المسلمين حلال لإناثهم و ذلك ثابت معلوم من نصوص السنة, فقد روى أصحاب السنن إلا الترمذي أن ابن زرير الغافقي سمع علياً رضي الله عنه يقول : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي". ورواه الإمام أحمد أيضا في المسند. وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم". 
وينبغي علي المسلم أن يعلم أن الحكمة من أي عبادة تحقيق العبودية المطلقة لله بطاعة الأمر الواجب النفاذ بحق الخلق الذي لا ينبغي إلا لله ألا له الخلق و الأمر حتى لو علمنا بعض الحكم الدنيوية من وراء العبادة إلا أن الأجر الآجل في الآخرة يظل أفضل بكثير من منافع الدنيا العاجلة كلا بل تحبون العاجلة و تذرون الآخرة). ولا شك في أن تحريم الذهب على ذكور المسلمين دون النساء له من الحكم و الفوائد ما لا يعلمه إلا الله علمنا ذلك أو لم نعلمه, إلا أنه لا يَصِحّ ما قيل مِن الإعجاز العلمي الطبي المذكور أعلاه, للأسباب التالية :
أولا: كعادة كل الفبركات البحث تنقصه المراجع مما يشكك في مصداقية البحث بمنتهى السهولة, فلو كان البحث يستند إلى علم قوي لفاخر صاحبه بمصدر معلوماته, و خصوصاً أن البحث يدعي النقل عن موقع علمي به 13 بحث طبي, فأين هذه الأبحاث المزعومة. و كالمعتاد في كل الفبركات لا نعرف من أجري البحث ولا كيف أجراه, ويكفي المدلس أن يقول هناك أبحاث أجنبية فيقول بعض المسلمين آمين طالما عطلوا العقل عن العمل, وبالطبع لا يعلم هؤلاء المفبركون أن أول أسس الإعجاز العلمي هو توثيق الخبر العلمي, والتأكد من ثبوته, فالأمة الإسلامية هي أمة علم الرجال وتوثيق المنقول.
ثانيا: وردت القصة في العديد من منتديات الانترنت بأسلوب ركيك وبأشكال مختلفة ومسميات مختلفة ولكن لا نجد أبدا ولو نقل واحد عن أي موقع من مواقع الإعجاز العلمي المعتبرة والمعروفة لدي المسلمين, بل ولا نجد أحدا من العاملين في مجال الإعجاز العلمي يتبني هذه القصة المفبركة.
ثالثا: لو كانت الحكمة طبية كما يزعم هؤلاء المفبركون لحرم الشارع الحكيم لبس الذهب أيضا على كل النساء التي لا تحيض بسبب الحمل أو لوصولهن إلي سن اليأس أو لأي سبب طبي يجعلهن يفقدن المحيض قيل سن اليأس, وهذا السبب وحده كافي لإسقاط هذا الإعجاز المزعوم, لأن المرأة التي لا تحيض لن تستطيع التخلص من الذهب عن طريق العادة الشهرية وبالتالي سوف تعاني من الزهايمر كما يعاني الرجال. 
كما نسى هذا المفبرك أن هناك عدد كبير جداً من الرجال الذين لا يدينون بالإسلام وربما للأسف في بعض الأحيان مسلمون يلبسون الذهب ومع ذلك لا يعانون من الزهايمر, وما النصارى عنا ببعيد, فالذهب ليس محرم عندهم على الرجال ومع ذلك لا يصاب كثير منهم بهذا الداء حتى وإن طعنوا في السن, فهل الذهب يفرق بين الناس على أساس الملل؟..
رابعا: إذا كانت علة التحريم عدم قدرة الرجل على التخلص من الذهب بالحيض, فالحجامة كانت معلومة في زمن النبي صلي الله عليه وسلم, فلماذا لم يأمر النبي صلي الله عليه وسلم الرجال بلبس الذهب مع الإحتجام للتخلص من الذهب الزائد؟.. 
خامسا: إذا عرفنا أن عملية التخلص من الذهب في جسم الإنسان بالدرجة الأولي تتم من خلال البول والبراز, أي أن الرجل كالمرأة يستطيع التخلص من الذهب عن طريق البول و البراز, وبالتالي تسقط علة عدم تحريم الذهب للنساء بسبب دم الحيض, فالرجل أيضاً يستطيع التخلص من الذهب عن طريق البول كما هو مذكور على المواقع التالية:
 http://informahealthcare.com/doi/abs/10.3109/03009748309095338 http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1003400/pdf/annrheumd00409-0027.pdfhttp://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/art.1780150604/abstract,
سادسا: إذا كان الذهب محرم على الرجال لعلة طبية, فهل الشرع حرم عليهم الحرير أيضاً لعلة طبية؟.. وهل الحرير سوف يمتص عبر الجلد فتتخلص منه النساء في دم الحيض ولا يستطيع الرجال ذلك؟ أم أن المدلس استحيي من كثرة التدليس, أو أصابه الورع فسكت عما لا يعرف.
سابعا: لو كانت هذه الحكمة المزعومة صحيحة, وأن النساء يتخلصن من الذهب الزائد في الجسم عن طريق دم الحيض, لحرم النبي صلي الله عليه وسلم الأكل في أواني الذهب على الرجال فقط ولم يحرمه على النساء كما في حديث تحريم لبس الذهب للرجال, طالما أن النساء لا يقع عليهن الضرر ولا يزيد الذهب في أجسادهن, فقد قال صلي الله عليه وسلم فى الصحيحين : لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تلبسوا الديباج والحرير... والتحريم في الحديث عام للرجال والنساء, بل وأضاف النبي في الحديث الفضة, وبالتالي فلها ضرر على الإنسان مثل الذهب، فلماذا لم يحرم النبي صلي الله عليه وسلم لبس الفضة على الرجال أيضاً؟.. وعليه فهذه الاعتراضات تُضعف القول بأن تحريم الذهب على الرجال من أجل الضرر الطبي المزعوم في هذه الفبركة، وتبقى الحكمة المنصوص عليها أظهر وأوضح ، وهي أن استعمال الذهب والفضة والحرير للمؤمنين في الآخرة .

ثامنا: بالبحث عن الموقع الطبي المزعوم الذي يدعي المفبرك أنه نقل الخبر عنه وهو ( http://whois.domaintools.com/goldparticlemigration.com   ), 
نجده مجرد دومين (Domain) للبيع (اسم موقع للبيع) ولا توجد عليه أي معلومات طبية تخص الزهايمر أو الذهب, وهذا دليل كبير على التدليس, وما حدث ذلك إلا لعلم هذا المدلس بغياب الكثير من عقول المسلمين التي لا تريد أن تبحث عن الحقائق وتكتفي بتسليم عقولها لمن يتلاعب بها تحت مسمي الإعجاز العلمي, والإعجاز العلمي من ذلك كله براء.
تاسعا: إمعانا في التدليس طلب مفبرك هذا الإعجاز المزعوم البحث عن نتائج مشابهة للتي عرضها من خلال محرك البحث جوجل تحت عنوان Health" "Migration", وقد فعلت كما طلب هذا المدلس فما وجدت إلا مواقع تتكلم عن الهجرة من أجل البحث عن الذهب أو هجرة الذهب من بلد إلى آخر, وهذا إستخفاف آخر بعقول المسلمين لأن هذا المدلس ما فعل ذلك إلا لأنه يعلم أن أغلب المسلمين (إلا من رحم الله) لن يبحثوا عن شيء ولسان حال أكثرهم يقول (غيري يدور أتعب نفسي ليه), مما شجع المدلسين علي التلاعب بمشاعر وأحاسيس هذه الفئة المتكاسلة من المسلمين. 

عاشرا: من الناحية العلمية لا يمكن للذهب أن يمتص من خلال الجلد ليصل إلي الدم ثم إلي المخ ليسبب الزهايمر, لأن الذهب كعنصر ثقيل يمتاز بقلة نشاطه الكيميائي فهو لا يتأثر بالهواء ولا بالأحماض والقواعد والمحاليل الملحية ماعدا الماء الملكي (مزيج من حمض الكلور وحمض النيتروجين) الذي يذيب الذهب, وهذه الخاصية هي التي تعطي للذهب قيمته المادية العالية لكونه غير قابل للتغير بسهولة, وبالتالي فاحتمالية امتصاصه عبر الجلد صعبة جدا, وحتى يتحول إلي صورة ملحية قابلة للامتصاص عبر الجلد فإنه يحتاج إلي شروط صعب يندر توفرها علي سطح الجلد, وغالبا الذي يدفع الذهب إلي التفاعل وتكوين مواد قابلة للامتصاص وجود نسب عالية من الشوائب في سبائك الذهب من العيار الخفيف كالذهب الصيني الذي بدأ في الإنتشار حديثا (لمزيد من المعلومات عن الطبيعة الكيميائية للذهب أرجو البحث علي مواقع الإنترنت الكيميائية و منها (http://www.chemistryexplained.com/elements/C-K/Gold.html ) 
ومعلوم أن أغلب بلدان العالم الإسلامي تفضل إستخدام الذهب عيار 18, 21, 24, لقلة الشوائب به مما يساعد على ثباته في أغلب البيئات المختلفة والأوساط الكيميائية المختلفة.
وحتى لو فرضنا جدلاً أن الذهب يمتص عبر الجلد فيما أسماه المفبرك (هجرة الذهب), فإن الذهب بعد امتصاصه لا يستطيع عبور الحاجز الفاصل بين الدم و السائل المحيط بالمخ (Blood Brain Barrier), ولذا فقد تم تطوير وسائل نانوية (Nanoparticles), لتستطيع حمل الذهب إلى المخ لأجل بعض الأهداف العلاجية, ولمزيد من المعلومات عن عبور الذهب للمخ وجزيئات النانو أرجو مراجعة موقع ماكس بلانك للأبحاث علي الرابط الآتي:
                                                                              http://www.mpg.de/551878/pressRelease20071123
ولأن الذهب لا يستطيع عبور المخ بسهولة, فإنه في حالة حدوث تسمم بالذهب فلا نجد من بين الأعراض حدوث الزهايمر أو غيرها من أعراض إصابة المخ, كما هو مبين علي الموقع الآتي (  http://www.uptodate.com/patients/content/topic.do?topicKey=~QkbCG5SqAymsSH#subscribeMessage ), 
تحت عنوان (Major side effects of gold ). كما أننا إذا بحثنا عن أسباب الزهايمر في المواقع الطبية المتخصصة فلا يمكن أن نجد أن أيا منها قد ذكر أن الذهب قد يسبب الزهايمر, كما هو مبين على الموقع التالي (  http://www.alz.org/alzheimers_disease_what_is_alzheimers.asp ).
حادي عشر: يقول المفبرك في تعريف هجرة الذهب (حيث أن الذهب إذا لامس معدن آخر تتسلل أو تهاجر قليل من الذرات منه إلى العنصر الملامس له وطبعا هذا يحدث خلال فترة كبيرة . ولم يعرف أن ذرات الذهب تتسلل من خلال جلد الإنسان إلى الدم إلا حديثا.), فإذا كانت هذه الهجرة لا تتم إلا إذا لامس الذهب معدن آخر, فهل جلد الإنسان معدن آخر بحيث يهاجر إليه و عبره إلي الدم, فما هذا الاستخفاف الشديد بعقول القراء.
ثاني عشر: وأعجب من كل ما سبق أن جزيئات الذهب حديثا أصبحت تستخدم في علاج الزهايمر وغيره الكثير من الأمراض, فقد توصل بعض العلماء بأن حقن جزيئات من الذهب في التكوينات البروتينية المسئولة عن بعض الأمراض العقلية مثل ألزهايمرز وباركنسونز ثم تعريضها لموجات حرارية تهاجم تلك التكوينات مما يعطي أملاً في علاج هذه الأمراض في المستقبل, كما هو مبين علي الروابط التالية:
 (  http://www.eurekalert.org/pub_releases/2006-01/acs-gnr010406.php  , http://www.physorg.com/news10099.html  )
ثالث عشر: المدلس الذي فبرك هذه القصة اعتمد على خبر طبي صحيح عن ظهور تحليل معين لتشخيص الزهايمر يعتمد على خاصية هجرة الذهب, فقال المدلس (ثم وجدت موقع طبي آخر http://www.lef.org/whatshot/2000_06.html يعرض نتائج تجربة أجراها وأن نسبة ال (7C gold) عند الأشخاص الأصحاء صفر بالمائة,), و بالرجوع إلي المواقع التي تتناول ذكر تجربة هجرة الذهب ونسبة ال (7C gold) و منها :
http://www.lef.org/whatshot/2000_06.html, http://pubs.acs.org/doi/abs/10.1021/jp9017426.,
http://findarticles.com/p/articles/mi_m0EIN/is_2000_July_11/ai_63283955/, http://www.lef.org/whatshot/2000_06.htm
وكل هذه المواقع تتحدث عن تطوير تحليل بول جديد لإكتشاف الزهايمر, وذلك تحت عنوان ( Urine test developed for Alzheimer's marker), حيث تم إكتشاف بروتينات معينة في المخ تسمي (AD7C-neuronal thread protein (NTP)),  لها دور كبير في ظهور الزهايمر, هذه البروتينات تظهر في بول الإنسان, و لذا تم تصميم اختبار جديد للبول يتم فيه إضافة مادة معينة تحتوي علي الذهب فإذا هاجر الذهب من هذه المادة إلي هذا البروتين فهذا إثبات أن هذا الشخص يعاني من الزهايمر.  إذا فالمدلس اعتمد على خبر صحيح يتحدث عن هجرة الذهب, ولكن هجرة إلى بروتينات الزهايمر الموجودة في البول وليست هجرة من ذهب الحلي والمجوهرات إلى دم الإنسان ثم إلي مخه. 

ملحوظة:
ظهرت فبركات أخري تربط بين تحريم الذهب علي الرجال وبين أمراض أخري حيث يقول المفبركون أثبتت البحوث الطبية أن الذهب يؤثر على كريات الدم الحمراء للرجال دون النساء بسبب وجود طبقة شحميه بين الجلد واللحم للنساء تمنع الإشعاعات الناتجة من معدن الذهب بينما لا تؤثر إشعاعات معدن الفضة على الرجال والنساء. كما أثبتت البحوث الطبية العديدة أن إشعاعات الذهب لها دور سلبي على الهرمونات الجنسية الذكرية ...
وبالبحث عن أي معلومات طبية تثبت هذه الأكاذيب لم أجد, كما أن ناشر هذه الفبركات أوردها كخبر مرسل بلا أي أدلة تثبت صحة ما يقول.


سر تشقق جدران المساجد؟

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في 0 التعليقات



حسب إحصائية بعض العلماء يقولون أن عمر المسجد أصغر بكثير من عمر الكنيسة.
هذه إن كانت حقيقة علمية، فهناك بعض علماء المسلمين يقول إنها فتنة أو اختبار من ربنا أو أو أو... 
وحتى حين سأل أحدهم الشيخ: لماذا الكنائس في بنيانها تعمر أكثر من المساجد؟ 
والمساجد تتشقق أسرع من الكنائس؟ 
فالكنائس تعيش لمئات السنين بينما المساجد خلال هذه الفترة ربما قامت بأعمال صيانة كثيرة..! 
رد الشيخ بكل هدوء وقال: قال الله تعالى: ((لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)).. 
سبحان الله إذا كان الجبل يتصدع ويتشقق من خشية الله فما بالك بالمساجد؟!.. 


اعجاز القرآن في الكلمة للتدل على العدد أو المدد

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الجمعة، 3 أبريل 2015 0 التعليقات



السنة والعام والحوْل والحجة لهم دلالة واحدة من حيث عدد الأيام.. ولكن في القرآن لهم دلالة أخرى لاحظوا..!!

أولاً – السنة
وردت لفظة ( سنة ) في القرآن الكريم سبع مرات في صيغة المفرد، واثنتي عشرة مرة في صيغة الجمع ( سنين ) 
فأما صيغة المفرد ( سنة ) فقد وردت في المرات السبع مقرونة بعدد كما يلي:
- (..يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ.. ) البقرة: 96 
- (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.. ) المائدة: 26  
- ( .. وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) الحج: 47 
- ( .. فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا.. ) العنكبوت: 14 
- ( .. ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) السجدة: 5 
- ( .. حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.. ) الأحقاف: 15 
- ( .. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) المعارج: 4 

وأما المرات الاثنتي عشرة التي وردت في صيغة الجمع ( سنين )، فيمكن قسمتها إلى ثلاثة أقسام: 
- الأول للدلالة على أمر فيه شدة ومعاناة وتعب كالجفاف وانقطاع المطر، وذلك في آية واحدة فقط هي (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف: 130  
- والثاني للدلالة على عدد محدد أو غير محدد من السنين في سبع آيات من مثل (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا.. ) يوسف: 47  ومثل ( .. وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ) الشعراء: 18  
- والثالث مقترن بكلمة ( عدد ) وذلك في أربع آيات هي: ( .. لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ.. ) يونس: 5 
والآية الثانية ( .. ولِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ.. ) الإسراء: 12 
والآية الثالثة (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) الكهف: 11 
والآية الرابعة ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) المؤمنون: 112

وبتأمل الآيات السابقة جميعاً نجد أنه باستثناء آية الأعراف (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ.. )، فإن جميع الآيات الثماني عشرة الأخرى قد ارتبطت بعدد، إما صريح كما في ( ألف سنة )، أو غير صريح كما في (وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)، أو بذكر كلمة ( عدد ) نفسها كما في (ولِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ)، ومن هنا نستطيع أن نقول إن استخدام لفظة ( سنة ) ولفظة ( سنين ) يكون مترافقاً مع الشدة والمعاناة في حين لا يستخدم ( العام ) لذلك، مثل (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ )، ومثل (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) والملاحظ أنها دائماً تكون بغرض العدد.

ثانياً – العام
وردت لفظة ( عام ) ثماني مرات في القرآن الكريم، ووردت في صيغة المثنى ( عامين ) مرة واحدة فقط. وذلك في الآيات:
- (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ..) البقرة: 259 
- (قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ.. ) البقرة: 259 
- (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ..) التوبة: 126 
- (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ.. ) يوسف: 49 
- (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا.. ) التوبة: 37 .
- (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا.. ) العنكبوت: 14 .
- (فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.. ) التوبة: 28 .
- (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ.. ) لقمان: 14 . 
وبتأمل الآيات الكريمة نجد أن ذكر العام فيها إنما هو لتحديد المدة، سواء اقترنت المدة بعدد مثل ( مائة عام )، أو لم تقترن بعدد مثل ( بعد عامهم هذا ) 
فالآيات تريد إبراز وإظهار المدد أكثر من إظهار العدد، فقوله: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ) ثم قوله: (بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ) يؤكد على تحديد مدة قدرها مئة عام؛ وليس كما ظن عزير حين قال ( لبثت يوماً أو بعض يوم ). 

ولعل في قوله تعالى عن نوح: (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) توضيحاً أكثر، حيث أًريد بالسنين الألف إظهار العدد الكبير من السنين التي قضاها نوح في قومه، ولكن في قوله ( إلا خمسين عاماً ) ذكر العام على سبيل تحديد المدة، وربما كانت الأعوام الخمسين المستثناة هي المدة التي لم يعاني فيها نوح شدة سواء كانت قبل بعثته أو بعد غرق قومه. 

وقوله تعالى (فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) فيه توضيح أكثر إلى أن المقصود هو تحديد المدة بحيث أنه بعد انقضائها فلا يجوز للمشركين أن يقربوا المسجد الحرام. 

ولعل في قوله تعالى: ( وفصاله في عامين ) أوضح مثال على تحديد مدة فصال الطفل عن والدته. 

مما سبق نستطيع فهم الفرق الدقيق في المعنى بين السنة والعام، حيث تستخدم السنة للعدد ولوصف الشدة والمعاناة، ويستخدم العام لتحديد المدة ولا يترافق معه شدة.. ويتجلى أمر الشدة في السنين والرخاء في الأعوام في قصة يوسف حين قال في تأويل رؤيا ملك مصر أن هناك سبع سنين شديدة (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ.. ) وعاماً بعدها من الرخاء (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ).

ثالثاً – الحَوْل
ذكر الحول في القرآن الكريم مرتين، مرة في صيغة ( الحول ) في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ.. ) البقرة: 240  

ومرة في صيغة ( حولين ) في قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ.. ) البقرة: 233  
ونلاحظ أنه في المرتين، قد ارتبط بالولادة مرة، وارتبط بالموت مرة.. وحيث أن الولادة تحدث في كل وقت من العام فقد حددت الآية مدة الرضاعة بسنتين منذ وقت الولادة وإلى مدة تنتهي في مثل ذلك الوقت بعد سنتين، وبتعبير آخر حتى يحول الحول على المولود مرتين.. وكذلك الموت يحدث في كل وقت من أوقات العام فقد حددت الآية مدة بقاء الزوجة الأرملة في بيت زوجها منذ وفاته وحتى تمام مرور سنة أي حتى يحول عليها الحول.. ومن ذلك نستطيع فهم تعبير الآيتين ( الحول، حولين ) بأنه انقضاء سنة في نفس التاريخ الذي بدأت منه.

رابعاً – الحجة
ورد هذا التعبير في صيغة الجمع مرة واحدة في القرآن، وذلك في سورة القصص حين قال شيخ مدين لموسى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) القصص: 27  
وقد استخدمت الآية لفظة ( حجج ) للتعبير عن عدد السنين وعن تحديد المدة في آن معاً، وقد سبق أن قلنا إن لفظة ( السنين ) استخدمت للتعبير عن العدد بينما استخدمت لفظة ( العام ) للتعبير عن تحديد المدة، أما القضية التي تبرزها لنا هذه الآية فهي عقد استئجار شفوي يبرم بين شيخ مدين كطرف أول وبين موسى كطرف ثان، يتفق فيه الطرفان على أن يزوّج الطرف الأول ابنته الطرف الثاني مقابل أن يعمل الطرف الثاني لدى الطرف الأول مدة محددة قدرها ثماني سنوات.. ولأن صيغة العقد تقتضي الدقة، فإن كل سنة تكون حجة على الطرف الثاني قبل أن تنقضي، وحجة على الطرف الأول حين تنقضي، ولذلك جاء التعبير عن السنة بالحجة. 
كما أن الآية الكريمة تظهر لنا معلومة أخرى لا يعلمها معظم الناس، فمن خلال استخدام تعبير ( ثماني حجج ) ندرك أن فريضة الحج كانت موجودة في ذلك العصر، وكان الناس يحجون البيت الحرام، ذلك أن عصر موسى متأخر بضعة قرون عن عصر إبراهيم عليهما السلام، وكما نعلم فإن إيراهيم عليه السلام هو الذي أذن في الناس بالحج.. وهذا يعني أن اللفظة تخدم معنيين في وقت واحد فلا يغني استخدام السنة ولا العام ولا الحول عنها.


معرفة اسم الله البارىء

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الأحد، 27 يوليو 2014 0 التعليقات



(برؤ) بضم الراء أي خلا من العيب أو التهمة، و(برأ) من العيب أو التهمة أي قضى ببراءته منه، والاسم (بريء) كما في قوله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثماً ثُمَّ يَرمِ بِهِ بَريئاً فَقَدِ احتَمَلَ بًهتَاناً وَإِثْماَ مُبِيناً"112"}[سورة النساء].
و(البراء) مرادف لبريء ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَومِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مّمََّا تَعْبُدُونَ "26"}[سورة الزخرف]. 
و(أبرأ) فلاناً من حقٍّ له عليه أي خلصه منه، و(برئ) المريض أي شفى من مرضه، و(برأ) الله الشيء أي خلقه صالحاً ومناسباً للمهمة والغاية التي ابتغاها من خلقه... ومنه بريت القلم أي جعلته صالحاً للكتابة، وبريت السهم أي جعلته مناسباً وصالحاً للإصابة... والاسم (بارئ). 
و(البارئ) اسم من أسماء الله الحسنى، فإذا قلنا خلق الله عزّ وجلّ الإنسان فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق، وإذا قلنا برئ الله الإنسان فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق في خلقةٍ تناسب المهمة والغاية التي خُلق من أجلها... فالله هو الذي خلق الخلق لا عن مثال، والبرء أخص من الخلق، فخلق الله السماوات والأرض، وبرأ الله النسمة، كبرأ الله آدم من طين... 
فالبارئ الذي يبرئ جوهر المخلوقات من الآفات، وهو موجد الأشياء بريئة من التفاوت وعدم التناسق، وهو معطي كل مخلوق صفته التي علمها له في الأزل، وبعض العلماء يقول إنَّ اسم البارئ يدعى به للسلامة من الآفات ومن أكثر من ذكره نال السلامة من المكروه.
فالخالق قد يخلق الشيء مناسباً أو غير مناسب... أما البارئ فلا يخلق الشيء إلا مناسباً للغاية التي أرادها من خلقه.. ويؤخذ ذلك من قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"4" ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ"5"}[سورة التين]. 
فلو كان فعل الخلق يشير إلى درجة الخلق من الحسن أو القبح لما أضاف المولى عزّ وجلّ عبارة في أحسن تقويم، ولو كان اسم الله عزّ وجلّ (البارئ) مرادفاً مرادفة تامة لاسمه (الخالق) لما قال تبارك وتعالى: {هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِىءُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ "24"}[سورة الحشر]. 
وإذا تأملنا الكون المحيط بنا سنلاحظ أنَّ الله عزّ وجلّ قد خلق كل شيء صالحاً لمهمته؛ مناسباً للغاية من خلقه؛ ومتوائماً مع المحيط الذي وضع فيه... فالإنسان خُلق ليكون خليفة الله عزّ وجلّ على الأرض.. وليكون عارفاً بالله.. عابداً له.. متأملاً في ملكوته.. لذلك برأه في خلقةٍ تناسب جلال الغاية.. فبرأه أي خلقه في أحسن تقويم.. أي أحسن خلقه، فجعله أحسن المخلوقات من حيث التركيب ومن حيث الشكل، مألوفاً من سائر الكائنات الحية، ومعظم الكائنات في علاقة ودٍ وتراحم مع الإنسان... الحصان.. الجمل.. الحمار.. الكلب.. القط.. الطيور حتى الجنّ يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم كما قال المولى عزّ وجلّ: { يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ"27"}[سورة الأعراف].                                                                    
فالشياطين يروننا لأننا مقبولون مألوفون لهم شكلاً... بينما لا نرى نحن الشياطين لأن أشكالهم غير مألوفة ولا مقبولة لدينا.. ولقد صرح المولى عزّ وجلّ بخلافة الإنسان على الأرض فقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"30"} [سورة البقرة].
فالإنسان بصريح الآية السابقة خليفة الله عزّ وجلّ على الأرض.. خُلق ليكون عارفاً بالله عابداً له، لذا برأه مناسباً لهذه الغاية بأن ميزه بالعقل، والعقل كما نعلم هو مستقر ومستودع وسائل الإدراك.. إليه ترجع قدرة الإنسان على السمع والبصر والشم واللمس، وهو الذي يحوي الذاكرة مخزن المعلومات، وهو المسؤول عن عملية التفكير والتي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات.. وليس ذلك فحسب بل جعل الله للإنسان وسيلة للتعبير والبيان عما يجول بخاطره.. فخلق له لساناً مبيناً ينطق الحروف بمخارجها، والحرف أساس الكلمة، والكلمة وسيلة التعبير عن المعنى الكامن في عقل الإنسان، والمولى عزّ وجلّ قد علم آدم كل الكلمات كما جاء في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "31"}[سورة البقرة].                                 
وقال سبحانه: {الرَحْمَنُ "1" عَلَّمَ القُرآنَ "2" خَلَقَ الإِنسَانَ "3" عَلَّمَهُ البَيَانَ"4"}[سورة الرحمن].                                                                
وإذا تأملنا سائر الكائنات والتي خُلقت مسخرة للإنسان، سنجد أنَّ المولى عزّ وجلّ قد برأ كل كائن [ أي خلقه مناسباً لمهمته] فالناقة والحمار لديهما من القوة ما يمكنهما من حمل الإنسان وأثقاله إلى الأماكن المتباعدة... كما قال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"7"}[سورة النحل].
والحصان أُوتي قدراً من السرعة ليتمكن به الإنسان من قطع المسافات البعيدة في أزمنة قصيرة... والبقر أُوتي لحماً كثيراً ليمد الإنسان بالغذاء الذي يحتاج إليه من البروتين وغيره من المواد الغذائية، وأجرى الله من بطونه لبناً نقياً سائغاً للشاربين.. كما قال جلّ وعلا: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ "66"}[سورة النحل].                                    
حتى المخلوقات التي يظن البعض أنَّ وجودها يمثل شراً محضاً للإنسان... تجد المناسبة بينها وبين مهمتها في الكون واضحة جلية، فهي من جهة تملك إيذاء الإنسان، إذ منها ما هو مفترس، ومنها ما قد يقتل الإنسان بسمه، وهذا الإيذاء ليس مقصوداً بذاته.. وإنما قُصد به إحاطة الإنسان بقدر من الأعداء لا يملك أن يتصدى لهم إلا بمعونة الله عزّ وجلّ فيلجأ إليه بالعبادة والدعاء إذا تمكن منه أحد هؤلاء الأعداء... ذلك أنَّ الإنسان يكون أقرب ما يكون من ربه عزّ وجلّ في حالات الحاجة كالمرض والشيخوخة والظلمة وغير ذلك من دواعي الحاجة والضيق والخوف وفي ذلك يقول جلّ وعلا: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"12"}[سورة يونس].
وقوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "49"}[سورة الزمر].
ومن جهة أخرى فإنَّ الإنسان ينتفع بهذه المخلوقات... فمنها ما ينتفع بجلده ومنها ما يفرز سموماً تُستخدم في صناعة الأدوية والعقاقير.
وإذا تأملنا المخترعات التي توصل إليها الإنسان واستطاع أن يخرجها إلى حيز الوجود.. سنجد أنَّ الإنسان لم يخلقها من العدم المطلق بل صنعها من مواد سابقة لها في الوجود، والإنسان لم يعط هذه المواد الخصائص الملازمة لها والتي كانت أساس هذا الاختراع أو ذاك. 
خذ على سبيل المثال: التلفاز والمذياع تجد أن نظرية عملهما تقوم على تحويل الصوت أو الصورة إلى موجات كهربائية لها تردد أو ذبذبات الصوت... هذه الموجات تنتقل عبر الهواء أو الأثير، ثم يتم استقبالها بواسطة أجهزة استقبال، ثم يتم تحويل هذه الموجات الكهربائية إلى صوت أو صورة مرة أخرى من خلال التلفاز أو المذياع.
وهنا نتساءل: هل الإنسان هو الذي جعل الهواء قادراً على نقل الموجات اللاسلكية؟. 
لاشك أنَّ الله عزّ وجلّ هو الذي (برأ) الهواء أي خلقه بما له من خصائص ليناسب المهمة والغاية التي ابتغاها من َخلقه... فهو الذي جعل في الأوكسجين اللازم لتنفس الإنسان وثاني أكسيد الكربون اللازم لتنفس النبات، وجعل فيه من الخاصية ما يمكنه من نقل الموجات الكهربائية واللاسلكية، فهو جلّ وعلا يعلم بعلمه الأزلي وأراد بمشيته أن يُمكن الإنسان في يوم من الأيام من اختراع أجهزة لنقل الصوت والصورة... هذا اليوم الذي سيزداد فيه أهل الأرض وتتباعد بينهم المسافات فيستلزم الأمر وسائل للتعارف وتبادل العلوم... فهو جلّ وعلا القائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"13"}[سورة الحجرات].                                                             
وهو سبحانه المتكفل بأن يظل هذا التعارف قائماً لا يحول دونه بحار أو محيطات أو جبال أو تلال، وهذا ما حققته الأجهزة الحديثة للاتصالات والتي اخُترعت من مواد لها خصائص معينة، هذه الخصائص - كما قلنا - لازمتها منذ أن خلقها الله عزّ وجلّ.. تأمل أيضاً وسائل النقل... تجد أنَّ الله عزّ وجلّ قد خلق المعدن الذي استخدمه الإنسان في تصنيع هذه الوسائل... وهو سبحانه الذي خلق البترول بما له من خاصية الاشتعال وتوليد الطاقة، وأودعه في باطن الأرض حتى يحين ميعاد استخراجه واستخدامه.. كل شيء في الكون برأه الله عزّ وجلّ أي خلقه مناسباً وصالحاً للمهمة والغاية التي خُلق لها، فندعوه جلّ وعلا كما برأنا أن يبرئنا من العيوب والخطايا وأن يبعثنا يوم القيامة من الفزع آمنين.
فسبحان الله تعالى البارئ.

المراجع
القرآن الكريم
رياض الصالحين
مختار الصحاح
غزيرة.. أم تقدير إلهي... للدكتور شوقي أبو خليل
من آيات الإعجاز العلمي .................للدكتور زغلول النجار
موسوعة الحديث النبوي الشريف (الصحاح والسنن والمسانيد) 
موقع طريق القرآن...  www.quranway.net
موقع روح الإسلام...  www.islamspirit.com

من كتاب أبواب المعرفة ج1 بقلم: إيمي البخاري


معرفة اسم الله الخالق

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الجمعة، 25 يوليو 2014 1 التعليقات



خلق الله العالم أي أوجده من العدم، والخلق في اللغة بمعنى الإنشاء.. أو النصيب لوافر من الخير والصلاح و(الخالق) بالألف واللام لا تطلق إلا على الحقّ عزّ وجلّ، والخالق في صفات الله تعالى هو الموجد للأشياء، المبدع المخترع لها على غير مثال سبق، وهو الذي قدر الأشياء وهي في طوايا العدم، وكملها بمحض الجود والكرم، وأظهرها وفق إرادته ومشيئته وحكمته... والله الخالق من حيث التقدير أولاً، والبارئ للإيجاد وفق التقدير، والمصور لترتيب الصور بعد الإيجاد، ومثال ذلك الإنسان... فهو أولاً يقدر ما منه موجود.. فيقيم الجسد.. ثم يمده بما يعطيه الحركة والصفات التي تجعله إنساناً عاقلاً، ويجوز أن يطلق على الإنسان وصف (خالق) ولا حرج، بينما لا يجوز أن يوصف وأن يسمى (الخالق) ويؤخذ ذلك من قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ "12" ثُمَّ جَعَلنَاهُ نُطفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ "13" ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"14"}[سورة المؤمنون].                                     
فدل قوله تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) على أنه عزّ وجلّ أطلق على الإنسان وصف خالق وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن خلق الإنسان هو خلق معدوم من موجود، بينما خلق الله هو خلق موجود من معدوم... خذ على سبيل المثال: السيارة فتجد أن الإنسان يخلقها من مواد موجودة في الكون كالمعدن وخلافه، ولو لم تكن هذه المواد موجودة لما استطاع الإنسان أن يخلق أو يصنع السيارة.
أما بالنسبة للحقّ جلّ وعلا فإنَّ الأمر مختلف.. إذ أنه يخلق الشيء من العدم المطلق.. والعدم المطلق هو اللاشيئيّة.. فهو تبارك وتعالى يخلق الشيء دون أن يكون له سابقة وجود على الإطلاق، ولقد أكد عزّ وجلّ على مسألة الخلق من العدم المطلق في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئا"9"}[سورة مريم].   
{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَّ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيئاً مَذكُوراً"1"}[سورة الإنسان]. 
أي أنَّ الإنسان لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله عزّ وجلّ. لقوله تعالى: {...إِنَّهُ يَبْدَؤُا الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالقِسْطِ...."4"}[سورة يونس].{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ....."34"}[سورة يونس]. 
{..... كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِِلِينَ"104"}[سورة الأنبياء]. 
والحقّ سبحانه وتعالى لم يؤكد حقيقة الخلق من العدم فحسب، وإنما أكد حقيقة أخرى ألا وهي أن كل شيء عدا الله عزّ وجلّ مخلوق له خاضع لأمره، ولا استثناء في هذه القاعدة، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: {..... وَخَلَقَ كُلَّ َشيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً"2"}[سورة الفرقان].
{..... قُلِ اللهُ خَلِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ"16"}[سورة الرعد].
{اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ"62"}[سورة الزمر]. 
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ"62"}[سورة غافر].   
{ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ"102"}[سورة الأنعام].                                                   
فالمولى عزّ وجلّ نظراً لخطورة هذه المسألة أراد أن يغلق الباب في وجه المبتدعين.. فلم يكتف بالإجمال الوارد في الآيات السابقة.. وإنما فصل هذه الآية بآيات أخرى ليؤكد أنَّ كل شيء مخلوق.. ويؤكد أنه خالق كل شيء من هذه الآيات قوله تعالى: 
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً.."29"}[سورة البقرة]. 
{الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ"1"}[سورة الأنعام]. 
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ الَّليْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ...."33"}[سورة الأنبياء]. 
{الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ..."59"}[سورة الفرقان]. 
{الرَّحْمَنُ "1" عَلَّمَ القُرْآنَ "2" خَلَقَ الإِنسَانَ "3" عَلَّمَهُ البَيَانَ"4"}[سورة الرحمن]. 
{وَخَلَقَ الجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ"15"}[سورة الرحمن].
وصفة الخلق من العدم لدى الله عزّ وجلّ ليست معجزة واحدة فحسب بل معجزات متعددة متداخلة ولا يمكن لاجتهاد العقل أن يحصرها، فإحداث الشيء من اللاشيء إعجاز يعجز العقل عن تصوره، وخلق كائن حي يدرك ذاته ويدرك الكون المحيط به ويدرك خالقه إعجاز آخر، وقد لفتنا جلّ وعلا إلى إعجاز استحداث الكائنات الروحية ولفتنا أيضاً إلى أنه وحده القادر على هذه الكائنات فقال جلّ وعلا:  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ"73"}[سورة الحج].                                                                            
لقد صنع أو (خلق) الإنسان السيارة والقطار والطائرة والصاروخ والقمر الصناعي والتلفاز والمذياع والكمبيوتر والموبايل وغير ذلك كثير، ولكن البشرية جمعاء لن تستطيع خلق ذبابة ولو اجتمعت في صعيد واحد، والسبب هو أنَّ الذبابة كائن روحي تدب فيه الحياة بنفخة من الله عزّ وجلّ لا يملكها سواه.. إنها سر من أسراره جلّ وعلا.. ومن معجزات الخلق أيضاً أنه بين الكاف والنون، فالحقّ سبحانه وتعالى إذا أراد أن يخلق شيئاً فإنما يقول له كن فيكون دون أدنى جهد أو إعياء، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "59"}[سورة آل عمران].
وحينما ادعى اليهود أن الله استراح بعد أن خلق الخليقة رد عليهم الحقّ عزّ وجلّ بقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ"38"}[سورة ق].                                                   
أي إعجاز هذا؟ كلمة واحدة من الله عزّ وجلّ كفيلة باستحداث المخلوق دون جهد ودون عناء... كيف للإنسان أن يتصور الحجم الحقيقي لهذه القدرة وهذا الإعجاز؟ 
ومن معجزات الخلق أيضاً أنَّ الحقّ تبارك وتعالى يخلق ما يشاء، فإذا أراد أن يخلق شيئاً لن يحول دون هذا الخلق حائل؛ وقد أكد جلّ وعلا هذه الحقيقة بقوله تعالى: {...قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ.."47"}[سورة  آل عمران]
.{...يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ "17"}[سورة المائدة].
والخلق الإلهي ليس خلقاً عشوائياً.. بل هو خلق محكم مبني على علم إلهي مطلق، فإذا تأملت الكون وما به من تكامل وتناسق بين المخلوقات علمت مدى القدرة الإلهية على الخلق والإبداع... انظر إلى أي مخلوق من مخلوقات الله عزّ وجلّ على حدة.. ُيهيأ لك أنه كائن مستقل بذاته منفصل عما حوله، ولكن دقق النظر تجد أنَّ هذا المخلوق ليس مستقلاً عن الكون بل هو جزء من كل... فالإنسان مثلاً لا يمكن أن يتصور وجوده بدون الهواء الذي يحيط به في كل مكان على سطح الكرة الأرضية، والماء الذي وفره له الله عزّ وجلّ، أو الطعام الذي تنبته له الأرض بإذنه.. وبهذه النظرة يبدو الإنسان وكأنه ترس في ساعة الكون لا انفصال ولا وجود لأحدهما بدون الآخر، فالحقّ سبحانه وتعالى خلق المخلوقات الحية وخلق لها مقومات الحياة في إبداع، وعلم لا يدانيه علم، وحسن لا يدانيه حسن، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ"7"}[سورة السجدة].          
فإذا كان الحقّ سبحانه وتعالى قد خلق الكون بهذا الإبداع وهذا الإحكام فهل يمكن أن نتصور أنه خُلق بلا غاية وبلا هدف... وأن المسألة " أرحام تدفع، وقبور تبلع" كما قال الدهريون: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ..."24"}[سورة الجاثية].                                            
{وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ..."10"}[سورة السجدة].
فيرد الحقّ تبارك وتعالى على هؤلاء الدهريين قائلاً: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ..."85"}[سورة الحجر].
وكما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ "16"}[سورة الأنبياء]. 
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ"115"}[سورة المؤمنون].                                            
فالخلق إذن ليس عبثاً وليس زوالاً وفناء، وإنما لحكمة أرادها سبحانه وتعالى، وفي ذلك يقول جلّ وعلا في الحديث القدسي:
[كنت كنزاً مخفياً فأردت أن أُعرف فخلقت الخلق؛ فبه عرفوني] ويقول في محكم التنزيل: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ "56"}[سورة الذاريات]. 
فقد شاءت حكمة المولى أنْ يخلق الكون ويخلق الإنسان، ويجعل الحياة الدنيا داراً للاختبار؛ والآخرة دار للجزاء والقرار.. هل سيشكر الإنسان على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى أم سيكفر ويشرك ويجحد؟   
فالخلق إذن لغاية، والبعث حقيقة لا مراء فيها، وفي ذلك يقول جلّ شأنه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ"5"}[سورة الحج]. 
والمسألة لا تقف عند حد قدرته سبحانه وتعالى على البعث، بل هو قادر على تغيير الجنس البشري بأكمله بمخلوقات أخرى، وما ذلك عليه بعزيز وفي ذلك يقول جلّ وعلا:  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"15" إِن يَشَأ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ "16" وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ"17"}[سورة فاطر].
فإذا كان الحقّ جلّ وعلا هو الخالق المحدث المبدع.. فإنه إذن وحده المستحق للعبادة والمستحق للشكر، وعبادة غيره ظلم للنفس وحياد عن الحقّ، وفي ذلك يقول جلّ شأنه:  {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ"20"}[ سورة النحل].                                                          
ويقول سبحانه: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ..."3"}[سورة الفرقان].                                                       
والمولى تبارك وتعالى يحثنا على التأمل في مخلوقاته.. لما في ذلك من حث على الإيمان بوجوده والإيمان بكمال صفاته ورسله وكتبه واليوم الآخر، وفي ذلك يقول جلّ شأنه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"164"}[سورة البقرة].
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ"190" الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"191"}[سورة آل عمران]. 
والأسماء الحسنى بما تعطيه من أوصاف قديمة قِدم الله عزّ وجلّ... فهو جلّ شأنه (الخالق)  قبل أن يخلق الخلق، ولو لم يكن المولى عزّ وجلّ موصوفاً بهذا الوصف منذ الأزل لما استطاع أن يخلق... إنه تبارك وتعالى يخلق ما يشاء في الوقت الذي يشاء وفي ذلك يقول جلّ وعلا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"1"}[سورة فاطر].                                                     
ومهما تحدث المتحدثون عن هذا الاسم وغيره من الأسماء الحسنى ومن خلال ما كشف الله لهم في كتابه وسنّة نبيه فإنهم لن يستكشفوا جلال أسمائه عزّ وجل وأسرار صفاته، فإذا كنا نعجز عن الإلمام بما كشفه لنا الله تبارك وتعالى.. فماذا عن المحجوب الذي لم نتهيأ بعد لاستقباله والذي احتفظ به جلّ وعلا في علمه؟ 
إنَّ الخالق هو المبدع للخلق، والمخترع له على غير مثال...{.. أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ"54"}[سورة الأعراف].   
فمثلاً من بين الحشرات جميعاً، يتشابه النمل مع الإنسان في العادات. إنه يبني المدن، ويشق الطرق، ويحفر الأنفاق، ويخزن الطعام في مخازن أو صوامع أو مستودعات خاصة به، وبعض أنواعه تقيم الحدائق، وتزرع النباتات أيضاً، ومن النمل نوع يحتفظ بمواشٍ خاصة به ويرعاها.. حتى أن هناك قبائل من النمل تشن الحروب على بعضها البعض، ويأخذ النمل المنتصر أسرى من النمل الضعيف المنهزم، وبالاختصار فللنمل مدينة غريبة تخصه، ومن الحقائق العلمية عن النمل أنه يستأنس الحشرات، ولقد وُجد نحو 2000 نوع من هذه الحشرات المختلفة داخل مساكن النمل، فنراه نجح في استئناس هذا العدد الكبير من الحشرات المختلفة، وهو أكثر مما استأنسه الإنسان: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"11"}[سورة  لقمان].
وندعوه عزّ وجلّ أن يعلمنا من علمه الفياض.. لقوله الحقّ: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"24"}[سورة الحشر].                
فسبحان الله تعالى الخالق.

المراجع
القرآن الكريم
رياض الصالحين
مختار الصحاح
غزيرة.. أم تقدير إلهي... للدكتور شوقي أبو خليل
من آيات الإعجاز العلمي .................للدكتور زغلول النجار
موسوعة الحديث النبوي الشريف (الصحاح والسنن والمسانيد) 
موقع طريق القرآن...  www.quranway.net
موقع روح الإسلام...  www.islamspirit.com

من كتاب أبواب المعرفة ج1 بقلم: إيمي البخاري






















حقيقة ليلة القدر بين القرآن والعلم

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في 0 التعليقات



ليلة القدر هي إحدى ليالي شهر رمضان وأعظمها قدراً، حيث ورد في القرآن أنها خير من ألف شهر، وأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن. 
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ((5)[سورة القدر]
وليلة القدر هي في شهر رمضان يقيناً، لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( [البقرة: 185]
وتفسير هذا كما ورد في بعض الروايات عن عبد الله بن عباس أنها الليلة التي أمر الله فيها جبريل بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الدنيا يسمى بيت العزة، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على محمد متفرقًا على حسب الأسباب والحوادث، فأول ما نزل منه كان في تلك الليلة نزلت أول خمس آيات من سورة العلق.
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
كما يمكن التماس ليلة القدر وطلبها في الليالي السبع الأخيرة من رمضان، فعن ابن عمر: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت (أي توافقت) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر" (متفق عليه)، وعن ابن عمر أيضًا: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبن على السبع البواقي" (رواه أحمد ومسلم والطيالسي عن ابن عمر كما في صحيح الجامع الصغير 1242).

فضل ليلة القدر
نوَّه الله تعالى بشأنها، وسماها ليلة القدر وقيل‏:‏ لأنها تقدَّر فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير الإلهية؛ كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏)‏[‏سورة الدخان‏:‏ آية 4‏]‏، فسماها الله ليلة القدر من أجل ذلك‏.‏ كما قيل‏:‏ سميت ليلة القدر لأنها ذات قدر وقيمة ومنزلة عند الله سبحانه وتعالى‏.‏ 
وأبضاً سماها ليلة مباركة؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ‏) ‏[‏سورة الدخان‏:‏ آية 3‏]‏‏؛‏ ونوه الله بشأنها بقوله‏:‏ ‏(‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ‏ ([سورة القدر‏:‏ آية 2، 3‏]‏؛ أي‏:‏ العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة؛ فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة‏.‏ 
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‏‏ ‏[‏رواه البخاري  في ‏‏صحيحه‏‏ ‏(‏بدون ذكر‏.‏‏.‏‏.‏ وما تأخر‏)].‏ 
وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها الملائكة والروح، وهذا يدل على عظم شأنها وأهميتها؛ لأن نزول الملائكة لا يكون إلا لأمر عظيم‏.‏ ثم وصفها بقوله‏:‏ ‏(‏سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ‏) ‏[‏سورة القدر‏:‏ آية 5‏]‏، فوصفها بأنها سلام، وهذا يدل على شرفها وخيرها وبركتها، وأن من حرم خيرها؛ فقد حرم الخير الكثير‏.‏ 
فهذه فضائل عظيمة لهذه الليلة المباركة‏؛ ولكن الله سبحانه بحكمته أخفاها في شهر رمضان؛ لأجل أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان؛ طلبًا لهذه الليلة، فيكثر عمله، ويجمع بين كثرة العمل في سائر ليالي رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها، فيكون جمع بين الحسنيين، وهذا من كرم الله سبحانه وتعالى على عباده‏، فهي ليلة عظيمة مباركة، ونعمة من الله سبحانه وتعالى، تمر بالمسلم في شهر رمضان، فإذا وفق باستغلالها واستثمارها في الخير؛ حصل على أجور عظيمة وخيرات كثيرة هو بأمس الحاجة إليها‏.

علامات ليلة القدر
ذكر الشيخ ابن عثيمين أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة، فأما العلامات المقارنة فذكر منها: قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، وأن الرياح تكون فيها ساكنة. 
وأما العلامات اللاحقة فذكر منها أن الشمس تطلع في صبيحتها من غير شعاع، ودلل لذلك بحديث أبي بن كعب - أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها"
وورد حديث لرسول الله صل الله عليه وسلم عن ليلة القدر (ليلة القدر ليلة بلجاء -لا حر ولا برد- لا تضرب فيها الأرض بنجم، صبيحتها تخرج الشمس بلا شعاع، وكأنها طست كأنها ضوء القمر)

العلم وليلة القدر
قال الله تعالى في كتابه: "ما فرطنا في الكتاب من شيء"، وذلك معناه أن القرآن الكريم موجود فيه كل شيء.
ولقد ثبت علمياً أن الأرض ينزل عليها في اليوم الواحد من 10 آلاف إلى 20 ألف شهاب، من العشاء إلى الفجر، غير أن ليلة القدر فيها لا ينزل أي شعاع ومن يعرف ذلك الكلام هو وكالة ناسا؛ ولقد أوضح المتحدث كارنار ذلك حيث قال: نعرف في وكالة ناسا ليلة القدر منذ أكثر من10 سنوات لكنهم طبعاً أخفوا الكلام عن العالم وخاصة العالم الإسلامي، وطبعاً العرب والمسلمين ومن يقعدون على الكراسي ويتركون أمور دينهم، مقصرون في إثبات حقيقة ليلة القدر "سلام هي حتى مطلع الفجر"، وأن الأرض لا يضرب فيها بنجم.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا