معرفة اسم الله العزيز

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الاثنين، 21 يوليو 2014 0 التعليقات

قال تعالى:{وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"37"}[سورة الجاثية].
عزّ أي قوي وسلم من الذل .. وعزّ فلان على فلان أي كرم عليه، وعزّ على كذا أي شق على.. وعزّ فلاناً أي غلبه وقهره .. وأعزه أي جعله قوياً عزيزاً... والعز هو القوة والشدة والغلبة والرفعة والامتناع.. والتعزيز هو التقوية.. 
والعزيز اسم من أسماء الله الحسنى ويعني الغالب الذي لا يهزم، وهو اسم يضم في ثناياه العديد من الصفات: كالقوة والغلبة والقدرة على كل شيء والقيومية.. وهو الذي يقل وجود مثله، وتشتد الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه.. وإذا لم تجتمع هذه المعاني الثلاث لم يطلق عليه اسم العزيز، كالشمس: لا نظير لها.. والنفع منها عظيم.. والحاجة شديدة إليها..! ولكن لا توصف بالعزة لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتها، وفي قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ"8"}[سورة المنافقون].  فالعزة هنا لله تحقيقاً، ولرسوله فضلاً، وللمؤمنين ببركة إيمانهم برسول الله صل الله عليه وسلم.
وهذه العزة تتجلى في العديد من الآيات القرآنية الكريمة منها قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"40"}[سورة الحج].  
فالحقّ تبارك وتعالى بعزه وقوته يحول دون تهدم المساجد والصوامع والبيع.. وبعزة قوته ينصر من يشاء من عباده، ولا يعوقه عن هذا النصر عائق؛ لأنه سبحانه العزيز بقوته التي لا تدانيها قوة... ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: 
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ "73" مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ عَزِيزٌ"74"}[سورة الحج].
فبعد أن لفتنا الحقّ جلّ وعلا إلى عجز وضعف الآلهة الباطلة والتي لا تستطيع مجتمعة أن تخلق ذبابة.. بل أنهم لا يستطيعون استرداد ما سلبه الذباب منهم، ويلفتنا في نفس الوقت إلى قوته وعزته، فهو سبحانه وتعالى قادر على ما يعجز عنه غيره... ويلاحظ من التقابل في هذه الآية الكريمة أن الضعف قرين المذلة... والقوة قرينة العزّ... فضعف هذه الآلهة الزائفة بما يترتب عليه من عجز وذل وانكسار يلفتنا إلى استحالة كونها آلهة... في حين نجد العكس بالنسبة لله عزّ وجلّ، فقوته وقدرته على إنفاذ إرادته بما يترتب على ذلك من عزته تبارك وتعالى يلفتنا إلى حقيقة ألوهيته، والحقّ تبارك وتعالى ختم الآية السابقة بقوله تعالى: [مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ عَزِيزٌ]... فإذا عجز من في الأرض جميعاً على خلق ذبابة ولو اجتمعوا لذلك، فهذا يلفتنا إلى قوة الله عزّ وجلّ وقدرته اللامحدودة... إنه تبارك وتعالى قد خلق هذا الذباب الذي عجزنا عن خلقه رغم ضآلته، وخلقه بكلمة (كُن) دون عناء أو إعياء، وإذا كنا لا نستطيع أن نستنقذ ما سلبه الذباب منا فهو جلّ وعلا قادر على ذلك... فالقوة الإلهية اللانهائية والقدرة اللانهائية تستوجب العزة للذات الإلهية، فالحقّ جلّ وعلا لا يضعف فينكسر ولا يذل لقوي يعينه أو يعجز فينكسر، أو يذل إلى قادر ينجز له ما عجز عنه... ولقد قرِن الحقّ تبارك وتعالى صفة القوة بصفة العزة في آيات أخرى متعددة، منها قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"25"} سورة الحديد]. 
وقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ "21"}[سورة المجادلة].
إنه تبارك وتعالى عزيز بقوته فلا يهزم ولا يغلب، بل هو الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وهو عزيز بقدرته فلا يعجزه شيء، وكيف يعجز والعجز ذلة وانكسار وهو سبحانه العزيز؟ وإذا كانت العزة تعني القوة والغلبة... فإنَّ ذلك لا يعني أنَّ عزة قوته تبارك وتعالى مبنيّة على الظلم، أو أنَّ عزة غلبته مبنيّة على القهر؛ لأنه جلّ وعلا منزه عن الظلم ومنزه عن القهر..

لذلك أشار عزّ وجلّ إلى أنَّ عزته موصوفة بالعلم فقال:{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكمِهِ وَهُوَ العَزِيزُ العَلِيمُ"78"}[سورة النمل]. 
وقال جلّ شأنه: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزيزُ العَلِيمُ"38"}[سورة يس].

ووصفها تبارك وتعالى بالحكمة حتى لا يظن أحدٌ أنها عزة بطش أو ظلم أو قهر أو استكبار فقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"220"}[سورة البقرة].                     
وقال جلّ وعلا: {... وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِندِ اللهِ العَزِيزُ الحَكِيمِ"126"}[سورة آل عمران].
{... وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَينَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"63"}[سورة الأنفال]. 

وأيضاً عزته موصوفة بالرحمة كما في قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى العَزِيزِ الرَّحِيمِِ "217" الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ"218"}[سورة الشعراء].
كما قال سبحانه: {إِلا مَن رَّحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ العَزيزُ الرَّحِيمُ"42"}[سورة الدخان].

وموصوفة بالمغفرة كما في قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّارُ"66"}[سورة ص]. {... كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ العَزِيزُ الغَفَّارُ"5"}[سورة الزمر].     
                                               
واسم الله تعالى العزيز ورد في القرآن الكريم 60 مرة مضافاً إلى أحد أسمائه: الحكيم، الغفار، الرحيم، العليم، القوي، الحميد، الغفور... فتبارك ربنا الملك الحقّ العزيز بقوته، العزيز بقدرته، العزيز بقيوميته؛ وغناه عمن سواه... فندعوه جلّ وعلا أن يهبنا من عزته عزاً في الدنيا والآخرة...
 وندعوه كما علمنا في قوله تعالى: {... وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ"5"}[سورة الممتحنة].
فسبحان الله تعالى العزيز.

المراجع
القرآن الكريم
رياض الصالحين
مختار الصحاح
غزيرة.. أم تقدير إلهي... للدكتور شوقي أبو خليل
من آيات الإعجاز العلمي .................للدكتور زغلول النجار
موسوعة الحديث النبوي الشريف (الصحاح والسنن والمسانيد) 
موقع طريق القرآن...  www.quranway.net
موقع روح الإسلام...  www.islamspirit.com

من كتاب أبواب المعرفة ج1 بقلم: إيمي البخاري




0 التعليقات to معرفة اسم الله العزيز

إرسال تعليق