ما الفرق بين السور المكية والمدنية

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الخميس، 10 يوليو 2014 0 التعليقات


كل منا يعلم أن سور القرآن الكريم تقسم في تصنيفها إلى سور مكية وأخرى مدنية، وتختلف السور المكية في مواضيعها وميزاتها وضوابطها عن تلك السور المدنية.
وتعرف السور المكية بالسور التي نزلت على محمد عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة قبل هجرته إلى المدينة المنورة.
كما تعرف السور المدنية بأنها السور التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد هجرته إليها؛ وحسب هذا التصنيف السور المكية هي السور التي نزلت قبل الهجرة، والسور المدنية هي السور التي نزلت بعد الهجرة.

الطريقة الموصلة إلى معرفة المكي والمدني
إن الطريقة الوحيدة إلى معرفة المكي والمدني هي الرواية الصحيحة عن الصحابة والتابعين، لأنه لم يرد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيان للمكي والمدني، ولم يكن المسلمون في زمانه بحاجة إلى هذا البيان، إذ هم يشهدون نزول الوحي ومكانه وزمانه وأسباب نزوله. ومن الثابت أن الصحابة رضوان الله عليهم قد اعتنوا بالقرآن عناية فائقة، فكانوا يحفظون مشاهداتهم لنزول الوحي ويؤرّخون كلّ آية بوقت ومكان نزولها.
روى البخاريّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله تعال إلا وأنا أعلم أين نزلت؟، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم أنزلت؟، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.
وذكر السيوطي في (الإتقان) نقلاً عن كتاب (الحلية) بالسند: أن رجلا سأل عكرمة رضي الله عنه عن آية من القرآن فقال: نزلت في سفح ذلك الجبل، وأشار إلى سلع.

كما نجد أن الزركشي ذكر في كتابه البرهان في علوم القرآن اختلاف العلماء في ذلك فقال: اعلم أن للناس في ذلك ثلاثة اصطلاحات: 
أحدها: أن المكي ما نزل بمكة، والمدني ما نزل بالمدينة. 
والثاني وهو المشهور: أن المكي ما نزل قبل الهجرة وإن كان بالمدينة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان بمكة. 
والثالث: أن المكي ما وقع خطابًا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابًا لأهل المدينة، وعليه يحمل قول ابن مسعود الآتي؛ لأن الغالب على أهل مكة الكفر فخوطبوا: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ] وإن كان غيرهم داخلاً فيها، وكان الغالب على أهل المدينة الإيمان فخوطبوا: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] وإن كان غيرهم داخلاً فيهم.
ونص كلام ابن مسعود هو كما رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما: كل شيءٍ نزل فيه يا أيها الناس فهو بمكة، وكل شيء نزل فيه يا أيها الذين آمنوا فهو بالمدينة. 
قال الزركشي: وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة، منهم أحمد بن حنبل وغيره، وبه قال كثير من المفسرين ونقله عن ابن عباس، وهذا القول - أي قول ابن مسعود - إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر، فإن سورة البقرة مدنية وفيها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ[البقرة:21]، وفيها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً [البقرة:168] 
وسورة النساء مدنية وفيها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1] 
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ [النساء:133]. 
وسورة الحج مكية وفيها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77].
فإن أراد المفسرون أن الغالب ذلك فهو صحيح، ولذا قال مكي: هذا إنما هو الأكثر وليس بعام، وفي كثير من السور المكية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا . 
والأقرب تنزيل قول من قال مكي ومدني على أنه خطاب المقصود به أو جل المقصود به أهل مكة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كذلك بالنسبة لأهل المدينة. ا.هـ 
ولكل منهما علامات يعرف بها، ذكرها الزركشي بقوله: ومن جملة علاماته أن كل سورة فيها: يا أيها الناس وليس فيها يا أيها الذين آمنوا فهي مكية، وفي الحج اختلاف. 
وكل سورة فيها: كلا، فهي مكية، وكل سورة أولها حروف المعجم فهي مكية إلا البقرة وآل عمران وفي الرعد خلاف.
وكل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة. 
وكل سورة فيها ذكر المنافقين فمدنية سوى العنكبوت.
وقال هشام - بن محمد بن السائب الكلبي- عن أبيه: كل سورة ذكرت فيها الحدود والفرائض فهي مدنية، وكل ما كان فيه ذكر القرون الماضية فهي مكية. ا.هـ .

خصائص السور المكية والمدنية وميزاتها
توصل العلماء إلى بعض الضوابط أو الخصائص لمعرفة المكي والمدني، وذلك نتيجة النظر في أساليب القرآن الكريم وموضوعاته.
أما الخصائص فهي مستمدة من طبيعة المرحلتين اللتين عاشهما النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مكة والمدينة، حيث كان في مكة يعاني صدود الكافرين ومقاومتهم، وفي المدينة يبني الدولة الإسلامية ويقاوم مكر اليهود وتآمر المنافقين.

ميزات السور المكية
تشترك السور المكية بالميزات والخصائص التالية: 
- احتوائها على قصص الرسل والأنبياء ومعاملة أقوامهم لهم من تكذيب وإساءة، وفي ذلك حكمة تكمن في تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، إضافة لاحتوائها على العديد من العبر والمواعظ، ويستثنى من ذلك سورة البقرة.
- فضح أعمال المشركين من وأد للبنات وأكل أموال اليتامى وسفك للدماء 
- الدعوة لعبادة الله وتوحيده وعدم الشرك تأكيد قدرة الله على بعث الأجساد بعد الموت والحساب، والسخرية من المشركين وآلهتهم وتهديدهم بالعذاب المقيم في النار.
- ذكر الجنة والنار ومجادلة الكفار والمشركين 
- ذكر قصة آدم وإبليس، ويستثنى من ذلك سورة البقرة.
- تثبيت فؤاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ودعوته إلى الصبر وتحمّل أذى المشركين.
- ألفاظها قصيرة وعباراتها موجزة وألفاظها قوية 
- مخاطبة العباد بلفظ يا أيها الناس أي أن كل سورة فيها النداء بـ: (يا أيها الناس) أو بـ: (يا بني آدم) فهي غالباً مكية 
- ابتداء معظمها بحروف التهجي مثل الم ، الر , حم، ويستثنى من ذلك سورة البقرة وسورة آل عمران، فهما مدنيتان بالإجماع، وفي سورة الرعد خلاف.
- السور ذات الآيات القصار (المفصل) غالباً مكية.
- كل سورة فيها لفظ (كلا) فهي مكية.
- وجود (سجدة) في معظمها 

ميزات السور المدنية
تشترك السور المدنية بالميزات والخصائص التالية: 
- يكثر فيها الحديث عن العبادات وبيان المعاملات والأمور التي تخص الإسلام من قواعد وحكم وحدود وأمور التعامل في حالات الحرب والسلم والجهاد ونظام الأسرة ووسائل التشريع
- الأمر بالجهاد أو الإذن به أو الحديث عن أحكامه.
- البحث في شئون الحكم والشورى وضرورة الرجوع فيهما إلى الكتاب والسنة
- دعوة أهل الكتاب للإسلام ومخاطبتهم 
- تتميز بطول آياتها ومقاطعها 
- يتميز أسلوبها بأنه يقرر قواعد الشرع ومراميه وأهدافه 
- تحتوي على الحدود والفرائض 
- يكثر فيها ذكر المنافقين والحديث عنهم وبيان أحوالهم وكشف مؤامراتهم في المجتمع الإسلامي الجديد في المدينة. 
- الكلام عن أهل الكتاب وجدالهم ودعوتهم ومعاملتهم.
- تبدأ آياتها بـ يا أيها المؤمنون.
وهكذا أصبح بالإمكان التمييز بين المكي والمدني عن طريق النظر والاجتهاد، ودون الرجوع إلى طريق النقل لمعرفة رأي العلماء والمفسرين في ذلك، ويكفي أن تقرأ في سورة البقرة- وتطّلع على ما تجمّع فيها من أحكام الصيام والحج والقصاص والنكاح والطلاق وغيرها، وما في آياتها الطويلة من لين وهدوء؛ لتعلم أنها سورة مدنية. 
ويكفي أن تقرأ في سورة الصّافّات؛ فتجد فيها النقاش والحجاج مع المشركين، وإظهار الأدلة على وجود الله تعالى، وما ينبعث من آياتها القصيرة من معاني الشّدّة والتّهديد ما يزلزل القلوب؛ فتعلم أنها سورة مكية.

عدد السور المكية والمدنية المتفق عليها والمختلف فيها
نقل السيوطي في كتابه (الإتقان) أقوالاً كثيرة في تعيين السور المكية والمدنية، نختار منها ما نقله عن أبي الحسن الحصّار في كتابه (الناسخ والمنسوخ) حيث يقول:
المدني باتفاق: 20 سورة.
المختلف فيه: 12 سورة.
وما عدا ذلك: مكي باتفاق/ 82 سورة
فيكون عدد سور القرآن الكريم 114

المدني باتفاق
1- سورة البقرة 2- آل عمران 3- النساء 4- المائدة 5- الأنفال 6- التوبة 7-النور 8- الأحزاب 9- محمد 10- الفتح 11- الحجرات 12- الحديد 13- المجادلة 14- الحشر 15- الممتحنة 16- الجمعة 17- المنافقين 18- الطلاق 19- التحريم 20- النصر.

المختلف فيه
1- الفاتحة 2- الرعد 3- الرحمن 4- الصف 5- التغابن 6- التطفيف 7- القدر 8- لم يكن 9- إذا زلزلت 10- الإخلاص 11 و 12 المعوذتين.

المكي بالاتفاق
ما عدا ذلك وهو اثنتان وثمانون سورة.

0 التعليقات to ما الفرق بين السور المكية والمدنية

إرسال تعليق