التركيب المعجز في كلمة لا يحطمنكم

نشرت بواسطة مدونة إيمي البخاري في الأحد، 13 يوليو 2014 1 التعليقات



قَالَتْ نَمْلَةٌ: يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ
{ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ } ماذا يعني التحطيم؟ 
هل هو تحطيم النفوس أم تحطيم الأجسام، أم كليهما معاً؟ 
ولماذا هذا اللفظ بالذات؟

تفسير الرازي
يقول الفخر الرازي في تفسيره: إن تلك إنما أمرت غيرها بالدخول لأنها خافت على قومها أنها إذا رأت سليمان في جلالته، فربما وقعت في كفران نعمة الله تعالى، وهذا هو المراد بقوله: { لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ }، فأمرتها بالدخول في مساكنها لئلا ترى تلك النعم فلا تقع في كفران نعمة الله تعالى، وفي هذا تنبيه على أن مجالسة أرباب الدنيا محظورة.

تفسير القرطبي
ويقول القرطبي في تفسيره: لم ترِد ( حطم النفوس)، وإنما أرادت ( حطم القلوب) خشية أن يتمنين من ما أُعطي أو تفتن بالدنيا، ويشتغلن بالنظر إلى ملك سليمان عن التسبيح والذكر.
ولا عجب عندما تسمع بقول كل من الفخر الرازي والقرطبي في هذا المعنى، فعندما نتدبر ما قالته النملة، نعلم أننا بصدد مخلوق عجيب له فهم العقلاء وبلاغتهم، وبالإضافة إلى حياته الاجتماعية المثالية، فمن الممكن أن يكون ما قالوه عن النملة في تحطيم النفوس والقلوب فيه درجة كبيرة من الصحة.

لقد جاءت كلمات القرآن وحروفه مضبوطةً على موازين مقدرة قد اتسق عليها نظمه في كل جهاته. تأمل مثلاً التركيب المعجز في قول الله عز وجل: [حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ] [سورة النمل- آية 18]
وانظر كيف جعل القرآن للنملة بياناً، وقولاً، ومنطقاً. ثم اختار من قولها ألفاظاً فيها من الدلالات ما لا يصيبه إنسان في غيرها؛ ومن ذلك لفظة (يَحْطِمَنَّكُم). فمعلوم في اللغة أن الحطمَ هو الكسرُ والهشمُ، مع اختصاصه بما هو صُلب أو يابس، كالعظمِ ونحوه. ومما أفدناه من مباحث العلم الحديث أن هيكل النمل الخارجي مُغلَّفٌ بنسبة كبيرة من الزجاج، فهو لذا قابل للتكسير والهشم. فعلمنا أن لفظة (يحطمنَّكم) مقصود إليها في هذه الآية من بين الكَلِمِ، وأنه لا يصلح في هذا الموضع غيرها، وهذا سبق علمي يشهد للقرآن أنه كتاب قادم من الملأ الأعلى.

عدد حروفها إعجاز ثاني
قلتُ: إن الإعجاز ليس في وضع هذه الكلمة من الآية فحسب، ولكن ما ترمي إليه سائر كلماتها وهيئات حروفها إعجاز ثانٍ. 
فالآية مؤلفة من (19) كلمة، وقد توسطتها كلمة (النمل) الثالثة، بحيث قسمتها إلى شطرين متساويين من حيث عدد الكلمات: 
ففي كل شطر (9) كلمات، وقد ربط النظم الحكيم معنى الحطم وسر الزجاج بعدد حروف الكلمات في كل من الشطرين، حتى أخرجها في لون من التصوير فذ عجيب..!
ذلك أنه نسق الكلمات في الشطر الأول من (34) حرفاً، والكلمات في الشطر الآخر من (43) حرفاً، والزجاج مادة عاكسة..! 
فكأن (النمل) مرآة، وقد عكست عدد حروف الكلمات التي أمامها، لتخرج عدد حروف الكلمات التي من ورائها؛ فتأمل..!

معنى الكلمة من الوجهة العلمية
نرى من الوجهة العلمية، أن هذا اللفظ بالذات له معنى علمي عميق، ولا ينفع في هذا المكان غيره، فنحن نعرف مثلاً أن الهيكل العظم للإنسان هو عظامه، وهي بداخل الجسم، وعند كسر عظمة منه أو أكثر لا يتحطم الجسد كله، بل من الممكن أن يجبر هذا الكسر، وذلك عكس ما في النملة تماماً، فإن هيكلها هو الذي يحيط بها من خارج جسمه، فالنملة حشرة، وهي كباقي الحيوانات مفصليات الأرجل، أجسامها مغطاة بهيكل كيتيني (الجليد)، وأهم وظائف هذا الهيكل هو حماية الأعضاء والأنسجة الداخلية من الجفاف والأضرار الميكانيكية، كما تتصل به أيضاً العضلات وترتكز عليه، ويتأثر نموها به، ويتكيف بخواصه سلوكها، ولا يغطي هذا الهيكل جسم الحشرة من الخارج فيحميه فحسب، ولكن يبطن أيضاً الفجوات التي تتكون أصلاً من الإكتوديرم، كتجويف الفم، والجزء الأمامي من القناة الهضمية، وكذلك الجزء الخلفي منها، والقصيبات الهوائية، والقنوات التناسلية الإضافية الخلفية، والغدد المتنوعة التي تفتح على سطح الجسم، ولجدار الجسم مرونة محدودة، ولكنه غير قابل للتمدد إلا في فترة محدودة وقصيرة تلي الانسلاخ، ويختلف هذا الجليد في سمكه وصلابته كثيراً، فهو رقيق جداً مرن الأجزاء القابلة للحركة التي بين حلقات الجسم، وقد يكون سميك جداً صلب في الأجزاء الأخرى القليلة أو العديمة الحركة، ومن خواصه الكيميائية أنه لا يذوب في الماء أو في الكحول أو في المذيبات العضوية الأخرى، كما أنه لا يذوب في الأحماض المخففة ولا في القلويات المخففة أو المركزة، ولكنه يذوب في الأحماض المركزة.

تحطيم غير قابل للجبر
لهذا عندما تتعرض هذه الكتلة الكيتينية لضغط كبير يتحطم جسم النملة، كالدهس تحت الأقدام مثلاً، ينتج عنه تهشيم وتحطيم لهذه الحشرة، فعند كسر أي جزء من الهيكل تنزف محتويات الجسم ويخرج عن آخره، ثم يصيبه الجفاف، وتنتهي حياته. 
الكسر هنا غير قابل للجبر، ولكنه يؤدي إلى تحطيم الحشرة تماماً وموتها. لذا كان هذا اللفظ بذاته هو الذي يحمل في طياته هذا المعنى العلمي الدقيق لتراكيب جسم الحشرة، وهي النملة.

رأي العلمانيين
اجتمع العلمانيين بقصد إيجاد خطأ في القرآن الكريم، وبعد عناء وجهد وتمحيص وتدقيق وجدوا كلمة [لا يحطمنكم] فقالوا: هذا خطأ في كتاب الله فكيف يستخدم لفظ التحطيم على النملة، والتحطيم لا يكون إلا للزجاج أو ما شابهه، وفرحوا كثيراً بهذا الاكتشاف.
إلى أن اكتشف عالم استرالي أن جسم النملة الخارجي يتكون من الزجاج بنسبة تزيد عن 75% فسبحان الخالق البديع.

   

1 التعليقات to التركيب المعجز في كلمة لا يحطمنكم

  1. says:

    kader_djou من هو هذا العالم

إرسال تعليق